في عام 1914 رست سفينة إس إس ميدينا البخارية في حوض بناء السفن في نيوبورت نيوز، فرجينيا، لأول مرة، منذ ذلك الحين شهدت السفينة حياة طويلة وأسماء عديدة ومسيرة حافلة جعلتها أقدم سفينة ركاب عاملة عبر المحيطات، لكن المهمة الأخيرة لهذه السفينة، التي يبلغ عمرها 111 عاماً، ربما تكون الأكثر غرابة.
استُخدمت سفينة إس إس ميدينا في الأصل لنقل البصل وسلع أخرى، ثم خُصِصت لمساعدة جهود أميركا في الحرب العالمية الثانية، ثم حُوّلت إلى سفينة ركاب تحت إسم (إس إس روما)، وجُهّزت بمحرك ديزل قبل أن تُستخدم كسفينة سياحية تحت اسم (إم إس فرانكا سي)، وعام 1977، استحوذت عليها منظمة مسيحية وأُعيدت تسميتها إلى إم في دولوس، وتم تحويلها إلى مكتبة عائمة.على مدى العقود الثلاثة التالية، أبحرت السفينة أكثر من 360 ألف ميل بحري، ورست في أكثر من 100 دولة، ومنذ خمسة عشر سنة فقط اشتراها رجل الأعمال السنغافوري، إريك سو، أحدث مالك للسفينة التاريخية، وأنفق نحو 23 مليون دولار سنغافوري (18 مليون دولار أميركي) بغرض تحويل السفينة إلى فندق فاخر.
تستقر السفينة الآن على اليابسة في بنتان، وهي جزيرة إندونيسية استوائية تشتهر بمنتجعاتها الشاطئية. تقع السفينة، التي تُسمى الآن دولوس فوس، أي «خادم النور» باليونانية، على شريط أرضي على شكل مرساة تطل على بحر الصين الجنوبي. غاطس السفينة، الذي يبلغ طوله 428 قدماً، والذي بُني، مثل هيكل تيتانيك، من صفائح فولاذية متصلة ببعضها، والذي كان مخفي فترة طويلة تحت سطح الماء، أصبح اليوم ظاهراً تماماً، وفي الداخل توجد نحو 100 غرفة وجناح، ولا يزال بعضها يحتوي على نوافذ السفن الدائرية التقليدية.
يأمل سو، بعد رفع سنغافورة الإجراءات الوقائية بالكامل، في جذب الجميع، من العائلات الشابة إلى محبي التاريخ البحري، لزيارة (الفندق السفينة).يستمتع رجل الأعمال بوضوح بمنح الزوار تجربة بحرية، فأثناء قيامه بجولة مع CNN حول السفينة، صحح مراراً وتكراراً المصطلحات المرتبطة بالفندق «الموظفون هنا ليسوا موظفين، بل طاقم، لا ينام الضيوف في غرف، هذه كبائن، هذا ليس طابقاً علوياً، إنه سطح».
قد تُصنف السفينة الآن كمبنى، من الناحية القانونية على الأقل، لكن سو يدّعي أن الحياة هنا أشبه بسفن حقيقية لدرجة أن بعض الضيوف يشعرون بدوار البحر، خاصةً عندما ينظرون من النوافذ ويشاهدون الأمواج «لكن بعد بضع ساعات يعتادون عليها»، قال سو مازحاً.
اقرأ أيضاً:خلل تقني يعطل سفينة مغربية ويثير المخاوف بشأن سلامة النقل البحري |
إنقاذ من التخريد
قبل أن تستحوذ شركة سو على السفينة عام 2010، بدا مستقبلها قاتماً، إذ أصبحت سفينة إم في دولوس غير صالحة للإبحار، ويحتاج الامتثال للوائح البحرية الحديثة المتعلقة بسلامة الركاب والوقاية من الحرائق استثمارات بملايين الدولارات.
أرسل المالك السابق السفينة إلى حوض جاف في سنغافورة لانتظار عروض من المشترين المحتملين، ووفقاً لسو، كان من بين الأطراف المهتمة شركات تفكيك السفن التي تخطط لتفكيك السفينة وتحويلها إلى خردة معدنية، لكن سو قدم عرضاً بقيمة 900 ألف يورو (1.1 مليون دولار)، وفاز بملكية السفينة.
وجد سو في بنتان، المنتجع السياحي المعزول، وهو مشروع مشترك بين الحكومتين الإندونيسية والسنغافورية، ضالته، وأقام فندق عن طريق سحب السفينة التي يبلغ وزنها 6800 طن إلى اليابسة، بعد أن صمم مهندسو سو منصة خرسانية بطول 427 × 52 قدماً، لتستقر عليها السفينة بعد عملية سحب استغرقت سبعة أسابيع «كان التقدم في عملية سحب السفينة بطيئاً للغاية، في يوم جيد خمسة أمتار، وفي يوم سيئ لا متر واحد»، وفقاً لسو.
التراث
تتراوح تكلفة الإقامة في الفندق السفينة بين 1.7 مليون و3.8 مليون روبية إندونيسية (من 105 دولارات إلى 235 دولاراً) لليلة الواحدة.ولا تزال العديد من آثار ماضي السفينة البحري موجودة، بدءاً من الهيكل والمعدات وصولاً إلى ستة قوارب نجاة مُعلقة ببكرات على جانبي السفينة، وحتى غرفة المحركات القديمة، فرغم أنها معطلة، فإنها تُركت دون أي تغيير تقريباً، وهي مفتوحة للزوار، كما تم الاحتفاظ بعدد قليل من غرف المعيشة الأصلية كما هي لتمكين الزوار من تجربة «كبائن السفن»، وكذلك الطوابق العلوية من السفينة مفتوحة للزوار أيضاً.
قال سو إن ضيوفه يحبون محاكاة وضعية ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت الشهيرة في فيلم «تايتانيك» على مقدمة السفينة.ويتقاضى سو راتباً رمزياً سنوياً قدره دولار واحد فقط، بينما تُخصص جميع أرباح الفندق التشغيلية للأعمال الخيرية، ولا يهتم باسترداد استثماره البالغ 18 مليون دولار.