قد تغفل شركات النقل البحري، التي تركز على كفاءة استهلاك الوقود وخفض الانبعاثات، عن مصدر خفي للتكاليف أثناء الإبحار في ظروف بحرية قاسية. ويشير باحثو هيئة التصنيف اليابانية ClassNK إلى أن هذا العامل يمكن أن يؤدي بصمت إلى تراجع الأداء، وهدر الوقود، وتلف مكوّنات المحرك البحري.
فجوة السرعة
أصدر معهد أبحاث ClassNK دراسة تقنية جديدة توضح أن عدم التطابق المستمر بين السرعة المطلوبة للمحرك الرئيسي والسرعة الفعلية، المعروف اصطلاحا باسم "فجوة السرعة"، يمكن أن يدفع السفن إلى استهلاك كميات أكبر من الوقود في ظروف الطقس المضطربة. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة معروفة من الناحية النظرية للمهندسين، إلا أنه لم يتم قياسها كميا أو ربطها بشكل واضح بخسائر الوقود الفعلية وتأثيراتها على الصيانة من قبل.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث الرئيسي الدكتور Yuzhong Song: "حتى مع تطبيق استراتيجيات خفض السرعة، إذا ظلت السرعة المطلوبة للمحرك أعلى من السرعة الواقعية التي يمكن للمحرك الرئيسي بلوغها في الظروف الجوية الحالية، سيستمر المنظمgovernor في حقن الوقود الزائد في محاولة لسد الفجوة، دون جدوى."
هدر الوقود
تشير نتائج البحث إلى أن هدر الوقود قد يصل إلى 10–12% خلال فترات الطقس العاصف، حسب شدة ومدة فجوة السرعة. وعلى خط آسيا–الساحل الغربي للولايات المتحدة وحده، قد تواجه السفن مثل هذه الظروف لأكثر من 900 ساعة سنويا.
وبتحليل بيانات التشغيل على متن ناقلة بضائع سائبة من فئة Panamax، إلى جانب بيانات نظام التعريف الآلي AIS وبيانات إعادة تحليل الأمواج عبر عدة مسارات بحرية تجارية، أظهر نموذج التحليل أن سفينة تعمل على خط الساحل الشرقي الأمريكي–أوروبا قد تهدر ما يصل إلى 114 طنا متريا من الوقود سنويا. ويعادل ذلك خسارة تزيد عن 70 ألف دولار أمريكي بالأسعار الحالية للوقود منخفض الكبريت جدا VLSFO، نتيجة عدم ضبط أوامر السرعة بما يتناسب مع الظروف البحرية القاسية.
اقرأ أيضاً:Accelleron تُبسّط التقارير الرقمية للانبعاثات عبر الربط المباشر مع منصة ClassNK |
تكلفة زائدة
وتوضح ClassNK أن المحركات الرئيسية تخضع لقيود عزم الدوران torque limits التي يفرضها محدد حقن الوقود fuel rack limiter، وهو ما يقيّد كمية الوقود الممكن حقنها في كل دورة لتفادي الحقن المفرط. ويحدد هذا القيد ما يُعرف بـالسرعة القصوى الممكنة للمحرك الرئيسيMaximum Attainable Main Engine Speed (MAMES) في ظل ظروف بحرية محددة. وعندما يضبط الطاقم أوامر السرعة أعلى من هذا الحد، سواء عن قصد أو بحكم العادة، فإن الاستجابة الميكانيكية للنظام هي حقن وقود إضافي بلا ضرورة.
وبعيدا عن الكلفة الاقتصادية، تشير ClassNK إلى وجود مخاطر تشغيلية جسيمة. فعند محاولة المحرك التسارع لسد فجوة السرعة، قد ينخفض معدل الهواء إلى الوقود بسبب خمول شاحن التوربو، مما يؤدي إلى احتراق غير كامل. وينتج عن ذلك تراكم السخام على شفرات وفوهات التوربين، الأمر الذي يسبب اهتزاز المحرك، وتآكل المكونات، واحتمال تعطل الشاحن التوربيني.
الحل المقترح
رغم خطورة النتائج، فإن الحل المقترح بسيط للغاية: مراقبة فجوة السرعة في الوقت الفعلي وخفض السرعة المطلوبة حتى تختفي الفجوة. وبذلك يمكن التقليل من هدر الوقود وتقليل الأعطال الميكانيكية. كما تشجع ClassNK مشغلي السفن على مراجعة بيانات الرحلات السابقة لتحديد أماكن حدوث الفجوات، ودمج هذه النتائج في تدريب الطواقم وتخطيط الرحلات المستقبلية. واختتمت ClassNK بالإشارة إلى أنه مع استمرار ارتفاع تكلفة الوقود المحايد كربونيا مقارنة بالوقود التقليدي (HFO)، فإن القضاء على جميع مصادر الهدر يصبح أمرا حاسما لتحقيق أهداف إزالة الكربون وضمان النجاح التجاري.