أعلن أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، مطلع الشهر الجاري، خلال مؤتمر مارلوج، انخفاض إيرادات رسوم العبور من قناة السويس بنحو 50.7% منذ بداية 2024 حتى 26 فبراير الماضي، متوقعًا انخفاض الحصيلة العامة لرسوم القناة لتصل إلى 5 مليارات دولار خلال العام الحالي بدلًا 10.249 مليار دولار بالعام 2023 فى حال استمرار أزمة البحر الأحمر وتهديدات الحوثيين للملاحة عند باب المندب.

وبالاستناد إلى آراء عدد من الخبراء فى المجال الملاحي، لمعرفة أبرز الإجراءات التى ينبغي اتباعها فى الوقت الراهن لتقليل من حجم الخسائر الناتجة عن هذه الأزمة وانخفاض إيرادات القناة.

قال الدكتور محمد كامل، الباحث في شؤون النقل الدولي واللوجستيات والمستشار الاقتصادي لشركة ماهونى للملاحة، إنه يجب إعادة تنظيم أوضاع القناة بما يتناسب مع مستقبل الملاحة في الفترات القادمة، إذ ينبغي إحصاء السفن المترددة عليها خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة وتقديم حوافز جديدة لها، بالإضافة إلى إبرام عقود طويلة الأمد مع الخطوط الملاحية، تلزمهُا بعدد محدد لعبور القناة مع تقديم حوافز (على سبيل المثال إلزام الخط الملاحي بحد أدنى لعبور سفنه بالقناة 100 مرة فى العام، في المقابل تُقدم له الهيئة تخفيضات خاصة وحوافز).

ويرى كامل، أن القناة لها الحق فى إتخاذ خطوة رفع رسومها استثنائيا لتعويض الخسائر التى تكبدتها طوال الأزمة الراهنة، في ظل أنها تُقدم خدمة ليستلها منافس، ولكن ينبغي رفع رسوم العبور بالقناة بناءً على أسس علمية ومعايير مدروسة، مطالبًا "بضرورة إعادة النظر في تسعير الخدمات لقناة السويس والموانئ المصرية، إذ أنها تُعاني من تشوهات تسعيرية" على حد قوله.

وأوضح، أن الطلب على النقل هو طلب مشتق على الطلب من التجارة الخارجية، وكلما زاد الطلب على التجارة الخارجية كلما زاد عدد السفن المارة بالقناة مما يُزيد من حجم إيرادات القناة، وأن الأحداث الحالية خارجة عن سيطرة إدارة القناة.

طالب بضرورة تحسين الخدمات المقدمة من قبل الشركات التابعة لهيئة قناة السويس، من خلال التعاقد مع شركات عالمية متخصصة في مجالات إصلاح السفن وصيانتها، على غرار ما حدث مع المحطات الجديدة متعددة الأغراض "تحيا مصر"، والتى تتولى إدارة تشغيلها شركات عالمية، مؤكدًا أن تلك الخطوة تُسهم في إدخال بيئة تكنولوجية حديثة غير متوفرة فى القطاع الملاحى في مصر.

وتابع، أن تلك الخطوة سوف تجذب عملاء جدد بجانب عملاء الشركة الأجنبية نفسها، لافتًا إلى أن مصر غير مشهورة بخدمات إصلاح السفن وصيانتها بخلاف الكوريين أو الهولنديين أو دولة السويد، لذلك عليها اتخاذ خطوة الشراكة مع شركات عالمية، مما يُسهم في نمو حجم أعمال الشركات التابعة لهيئة قناة السويس، وبالتالي ينعكس إيجابيًا على إيرادات قناة السويس وعلى النقد الأجنبي.

صابر: يجب مد فترة سماح دفع الرسوم وخفض قيمتها لتشجيع السفن للمرور

وأفاد، أن هناك خدمات أخرى عوائدها تفوق خدمة مرور السفن مثل، تزويد السفن بالوقود أثناء الإبحار، وخدمات إصلاح الحاويات وصيانتها، وخدمات تغليف البضائع داخل السفن، مؤكدًا على ضرورة إعادة تقييم تسعير قناة السويس بالإضافة إلى إعادة تقييم الخدمات المقدمة في الشركات الهيئة والعمل على تطويرها بما يتناسب مع متطلبات وأحجام السفن التى تعبر قناة السويس.

ولفت إلى، أن أطوال الأحواض الموجودة في الترسانات المصرية وأعماقها لا تتناسب مع السفن التى تعبر القناة، فضلًا عن أن مهارات العناصر البشرية العاملة فى الشركات التابعة لهيئة قناة السويس لا تتناسب مع المهارات المطلوبة لإصلاح وصيانة السفن في الوقت الراهن.

وقال الدكتور محمد على خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل سابقًا ومؤسس كلية النقل الدولى واللوجستيات بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، إن هناك بعض الإجراءات التي علينا اتباعها لتقليل حجم الخسائر التي تعرضت لها القناة جراء أزمة منطقة جنوب البحر الأحمر.

وأضاف، أنه من الضروري في الوقت الراهن تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة الراهنة.

وأشار إلى أن انخفاض إيرادات قناة السويس في الوقت الراهن يرجع إلى سبب خارجي وأزمة ملاحية عالمية وليس مشكلة في القناة، مؤكدًا على ضرورة استغلال الوقت الراهن والعمل على رفع كفاءة الممر الملاحي سواء في البنية التكنولوجية أو المعلوماتية، بالإضافة إلى إجراء عمليات إصلاح وصيانة داخل القناة، وتدريب الكوادر البشرية، لتعزيز قوة التنافسية للقناة أمام الطرق البديلة والمنافسة.

وطالب خبير اللوجستيات ومستشار وزير النقل السابق، أن تستغل الهيئة الوقت الراهن للعمل على تحول قناة السويس إلى ممر ملاحي ذكي، في ظل اتجاه المجتمع اللوجستي في الوقت الراهن نحو السفن والموانئ الذكية.

اقرأ أيضاً:الاضطرابات بالبحر الأحمر تدفع الشركات إلى إعادة التفكير في سلاسل التوريد

الشامي: مليار دولار حجم الخسائر منذ شهر ديسمبر الماضي

ويرى الدكتور أحمد سالم صابر، خبير في النقل الدولي واستشاري في سلاسل الإمداد، هناك خطوتين علينا اتباعهما لتقليل حجم الخسائر، الأول إعطاء فترة سماح طويلة للخطوط الملاحية لسداد رسوم الهيئة، والثاني تقليل رسوم العبور وذلك لفترة مؤقتة، لتشجع السفن على العبور من خلال القناة.

وأوضح، أن التوترات الحالية فى منطقة البحر الأحمر سببت مشكلتين، الأولى طول الفترة الزمنية لرحلة الشحن بسبب لجوء السفن إلى تغيير مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح بدلًا من طريق قناة السويس خوفًا من هجوم الحوثيين على السفن المارة بمنطقة جنوب البحر الأحمر، والمشكلة الثانية ارتفاع تكلفة نوالين الشحن للسفن المارة عبر قناة السويس بسبب فرض الخطوط الملاحية رسوم تأمين مخاطر تتراوح ما بين 1500 دولار و2000 دولار مما سبب ارتفاع تكلفة البضائع بصورة كبيرة.

وقال، أحمد الشامي، خبير اقتصاديات النقل البحرى ودراسات الجدوى، إن قناة السويس حققت إيرادات جيدة منذ شهر يونيو حتى نهاية شهر نوفمبر من العام الماضي، إلا أنها تأثرت بشدة بعد أزمة منطقة البحر الأحمر إذ تُقدر حجم الخسائر منذ شهر ديسمبر الماضي حتى مطلع مارس بنحو مليار دولار تقريبا.

وتوقع، أن تصل إيرادات قناة السويس حتى نهاية العام المالي الجاري ما بين 6.8 مليار دولار و7.2 مليار دولار بنسبة انخفاض عن العام الماضي تُقدر بـ 30%.

وأضاف الشامي، أنه قبل حدوث أزمة البحر الأحمر، كان من المتوقع أن تحقق قناة السويس حجم إيرادات خلال العام الحالي يصل إلى نحو 11.7 مليار دولار، موضحًا أنه من الصعب التنبؤ بإيرادات قناة السويس فى حال عدم وقف الأزمة واستمرار تعطل الإبحار بسلامة عند باب المندب.

المصدر: البورصة 

 

اقرأ أيضاً

 العدد 89 من مجلة ربان السفينة

(Jan./ Feb. 2024)

 

أخبار ذات صلة