في ظل التوقعات الحالية حول ارتفاع تكاليف نقل الحاويات مع استمرار المخاطر على النقل البحري في المنطقة، ولجوء بعض شركات النقل إلى عمليات تحويل مسار السفن عن قناة السويس، يعتقد خبراء قطاع النقل البحري في Drewry لاستشارات البحوث البحرية ومقرها المملكة المتحدة أن التجارة سوف تتأقلم مع هذه التغييرات رغم طول الوقت المستغرق للرحلات البحرية.

في ظل حالة التوتر في منطقة البحر الأحمر، تتصارع شركات خطوط النقل مع تحديات تحويل مسار سفنها المبحرة إلى آسيا وشمال أوروبا، في محاولة لإيجاد توازن يقلل من الوقت الإضافي والإضرابات والتكلفة أيضًا. وأظهرت البيانات الأخيرة من Drewry انخفاض نسبة عبور السفن في قناة السويس خلال الأسبوعين الأولين من عام 2024 بنسبة 64% مقارنًة بالفترة نفسها من العام الماضي، بينما ارتفعت نسبة العبور في ممر رأس الرجاء الصالح بنسبة 168%. 

لا شك أن هذا التحويل عبر ممر رأس الرجاء الصالح سيضيف أميالا بحرية إضافية، فالإبحار من سنغافورة إلى روتردام عبر ممر رأس الرجاء الصالح من دون أي توقف أطول بنحو 3600 ميل بحري من الإبحار عبر قناة السويس. وعليه، سيكون على شركات النقل زيادة سرعة الإبحار للحفاظ على أوقات العبور المعتادة. إلا أن هذا الحل سيكبد شركات النقل تكاليف إضافية هائلة لا سيما بالنسبة للوقود والسفن، التي من الممكن ألا تغطيها الزيادة في أجور الشحن. 

 

اقرأ أيضاً: السوق الملاحية العالمية ستشهد مزيدًا من الاضطرابات خلال عام 2024 حسب التقرير الدولي

 

ومن هذا المنطلق، حللت Drewry التكاليف المتوقعة للرحلات عبر المسار الواحد من خلال عدة سيناريوهات، بافتراض عدم تغير أسعار الوقود أو تحويل مسار السفن عبر ممر غير رأس الرجاء الصالح، وتتضمن إحدى السيناريوهات الحفاظ على السرعة نفسها من الميناء الآسيوي الأخير إلى الميناء الأوروبي الأول مع استخدام سفينتي حاويات إضافيتين للحفاظ على وتيرة التردد الأسبوعي للسفن. وبالاستناد إلى هذا السيناريو، سترتفع فاتورة الوقود بنسبة 33٪ وسترتفع تكاليف السفن بنسبة 18٪ في حين سيتم توفير رسوم المرور في القناة كونها لم تتم، حيث سيؤدي إلى زيادة اجمالية بنسبة 3٪ في تكلفة تحويل المسار.

ومن زاوية أخرى، يتضمن سيناريو آخر الحفاظ على أوقات عبور مماثلة، مما يتطلب زيادة في السرعة بأكثر من 5 عقدة، ومضاعفة إجمالي تكلفة وقود الرحلة عبر المسار الواحد، مما سيؤدي إلى زيادة بنسبة 21٪ في إجمالي تكلفة الرحلة.

وعلى الرغم من أن الشركة الاستشارية تعتقد أن شركات النقل ستتبنى على الأرجح استراتيجيات بالاستناد إلى واحدٍ من هذه السيناريوهات، إلا أن تغيير المسار سيكبد شركات النقل تكاليف إضافية بكل تأكيد.

واستنادًا إلى ما سبق، ترى Drewry أن هناك طرقا للحفاظ على أوقات العبور بين الموانئ الرئيسية، مثل إبحار السفن مباشرة إلى الموانئ الكبرى من دون الاضطرار الى المرور بموانئ صغيرة وتغيير تسلسل الموانئ بحيث تكون الموانئ الكبيرة هي المقصد. فعلى سبيل المثال، لا يمكن لبعض السفن المبحرة من آسيا إلى شمال أوروبا التي كانت ترسو سابقًا في موانئ شرق البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك ميناء بيرايوس في اليونان، أن تمر عبر ممر رأس الرجاء الصالح بسبب طول المسافة والوقت الإضافي. لذلك، من المحتمل أن تنتقل خدمة إعادة الشحن لتمر عبر المحاور الغربية.

على الرغم من الزيادة الضئيلة المتوقعة في تكاليف رحلات المسار الواحد، إلا أن أجور الشحن للسفن المبحرة عبر المسار التجاري من آسيا إلى أوروبا قد ارتفعت بشكل كبير. كما ارتفع مؤشر Drewry العالمي للحاويات WCI عبر الممر من شنغهاي إلى روتردام بنسبة 246٪ منذ أن أعلنت السفن العملاقة عن عمليات تحويل المسار في منتصف ديسمبر الماضي.

 

اقرأ أيضاً: تكدس الحاويات يضرب قطاع الشحن البحري مجدداً قبيل الأعياد

 

ومما لا شك فيه أن اضطرابات النقل البحري من شأنها أن تساهم في زيادة أجور الشحن وربما ستؤدي إلى ازدحام الموانئ ونقص في المعدات أيضًا، مما سيؤثر على سلاسل التوريد العالمية. وقد يكون التأثير الأولي شديدًا، ولكن نظرا للطاقة الاستيعابية المفرطة في سوق النقل البحري، ستعود الأمور إلى مجاريها بمجرد تحويل مسار السفن وإعادة تنظيم شركات خطوط النقل. كما تحذر Drewry من أن الاقتصاد العالمي قد يتأثر بتكاليف الطاقة المرتفعة أكثر من الارتفاع في أجور الشحن، وخاصة ما إذا تصاعدت الأوضاع الإقليمية وارتفعت أسعار النفط بشكل كبير.

ووفقا لشركة Drewry، فإن أسوأ ما يمكن أن يحدث في حال تجنبت شركات خطوط النقل مرور سفنها عبر قناة السويس طوال عام 2024 هو انخفاض السعة الفعالة للحاويات بنحو 9%، وهذا سيظل يشير إلى زيادة كبيرة في العرض في السوق. وفضلا عن ذلك، فإن التأثير سيختلف بالاستناد إلى التجارات المختلفة ولن يعكس ديناميكيات العرض والطلب.     

من جهة أخرى، أشارت شركة Drewry على عدم معرفة مدى استمرار الأزمة، فإذا عادت التجارة في التدفق عبر قناة السويس مرة أخرى قريبًا، ستعود ديناميكيات السوق الطبيعية إلى سابق عهدها وستنخفض الأسعار. ومع ذلك، من غير المرجح أن تستأنف شركات النقل عبور قناة السويس لحين توقف الوضع الراهن، وهو ما تعتقد Drewry أنه من المحتمل أن يستغرق وقتًا طويلًا.

ترجمة ربان السفينة

 

اقرأ أيضاً

 العدد 89 من مجلة ربان السفينة

(Jan./ Feb. 2024)

 

أخبار ذات صلة