كشف تقرير حديث أصدرته غرفة النقل البحري البريطانية وأعدّه مركز البحوث التجارية والاقتصادية (Cebr)، عن أبرز الدول الرائدة في الصناعة البحرية، وأكّد هذا التقرير مكانة المملكة المتحدة كواحدة من أكثر الدول تنافسية في القطاع البحري على مستوى العالم.استعرض التقرير مؤشر تنافسية النقل البحري، وهو معيار دولي يقيّم 44 دولة بحرية تمثل مجتمعة أكثر من 80% من الحمولة الوزنية (Deadweight Tonnage) المملوكة عالميا. وقد احتلت المملكة المتحدة المرتبة الخامسة من بين 44 دولة في أحدث إصدار للمؤشر، الذي طوّره مركز البحوث التجارية والاقتصادية بتكليف من غرفة النقل البحري البريطانية. ويرتكز التقييم على أربعة محاور أساسية:
- التجارة.
- الأسطول ورأس المال.
- القوى العاملة.
- البيئة التنظيمية والحَوْكمة.
وللتذكير، فقد حازت سنغافورة للعام الثاني عشر على التوالي، على لقب المركز البحري الأول عالميا، محققة 99.50 من 100 نقطة في تقرير مؤشر شينخوا – البلطيق لتطوير المراكز البحرية الدولية (ISCDI)، الذي يصدر بشكل مشترك عن بورصة البلطيق ووكالة الأنباء الرسمية الصينية شينخوا.
أبرز محاور أداء المملكة المتحدة
البيئة التنظيمية والحوكمة: حققت المملكة المتحدة أفضل النتائج في هذا المجال، حيث جاءت في المرتبة الرابعة عالميا، بفضل الأطر القانونية والمؤسساتية القوية، وشفافية التشريعات، وانخفاض عوائق الدخول إلى السوق. هذه العناصر ما زالت تدعم دور لندن كمركز عالمي للقانون البحري والتحكيم والتأمين.
الأسطول ورأس المال: حلّت المملكة المتحدة في المرتبة الخامسة عالميا، وتتميز بأسواق رأس مال متطورة (المركز الأول مناصفة)، وحضور بارز لشركات إدارة السفن (المركز الثالث)، كما جاءت في المرتبة السابعة من حيث حجم الأسطول المملوك وقيمته. غير أن التقرير أشار إلى أن الأسطول البريطاني أقدم من نظرائه، إذ جاءت المملكة المتحدة في المرتبة الثالثة عشرة من حيث عمر الأسطول.
القوى العاملة: احتلت المملكة المتحدة المرتبة التاسعة، مستفيدة من توفر نسبي للبحارة. ومع ذلك، تتراجع البلاد في تطوير رأس المال البشري، حيث جاءت في المركز العشرين، كما تواجه تحديات في سياسات الهجرة تحد من مرونة القوى العاملة، لا سيما في قطاعي الطاقة البحرية والعبّارات المحلية.
التجارة: جاءت المملكة المتحدة في المرتبة الثامنة من حيث التنافسية التجارية، حيث سجلت أداء جيدا في صادرات خدمات النقل والاتصال المنظّم بخطوط النقل البحري، لكنها بقيت متأخرة في كفاءة اللوجستيات وتكاليف النقل. ويوصي التقرير بزيادة الاستثمار في البنية التحتية وإصلاح التخطيط لتعزيز ترابط الموانئ وتقليل العوائق على الحدود.
تحليل معمّق
يتناول التقرير موضوعات استراتيجية تؤثر في تنافسية المملكة المتحدة، مثل:
- ضريبة الحمولة: رغم أن نظام ضريبة الحمولة في المملكة المتحدة تنافسي عموما، فإن الإقبال عليه لا يزال محدودا بسبب التزامات التدريب وتوافر أماكن رسو السفن.
- إزالة الكربون: يرى التقرير أن الجهود البريطانية في إزالة الكربون طموحة، لكن تعيقها فجوات في البنية التحتية والتعقيدات التنظيمية.
- طاقة الرياح البحرية: تمثل قيادة المملكة المتحدة في هذا المجال ميزة كبيرة، غير أن نقص السفن وضعف البنية التحتية للموانئ قد يقوض إمكانات المملكة المتحدة في هذا المجال.
اقرأ أيضاً:سلطة موانئ دبي وهيئة الملاحة في سنغافورة تناقشان الإرتقاء بمعايير التميز بقطاع الموانئ |
في هذا السياق، صرّح Rhett Hatcher، الرئيس التنفيذي لغرفة النقل البحري البريطانية، قائلا: "هذا التقرير يؤكد ما نعمل جاهدين على تحقيقه، فالمملكة المتحدة ما زالت من الدول البحرية الرائدة عالميا. إن تميّزنا في التشريعات، والخدمات البحرية عالية القيمة، وخبراتنا القانونية والتأمينية يضعنا في موقع متقدم."
ويختتم التقرير بدعوة الحكومة والقطاع البحري إلى تعزيز مكانة المملكة المتحدة في مجالات تفوقها التنافسي، مثل التنظيم والخدمات القانونية وإزالة الكربون، مع معالجة تحديات البنية التحتية، وتحديث سياسات القوى العاملة، وتعزيز التمويل الأخضر والانتقالي لدعم النمو المستدام للقطاع البحري.
في هذا الإطار، قال Owen Good، رئيس قسم الاستشارات الاقتصادية في مركز البحوث التجارية والاقتصادية (Cebr): "لترسيخ مكانة المملكة المتحدة عالميا وضمان مستقبل القطاع البحري في ظل المنافسة المتزايدة والضغوط المتعلقة بانتقال الصناعة نحو الوقود البديل والممارسات المتعلقة بتخفيض الانبعاثات، ستكون هناك حاجة لإصلاحات محددة تستهدف سد فجوات البنية التحتية، وتجديد القوى العاملة، ودفع عملية إزالة الكربون من القطاع البحري".