في ذكرى مرور 5 سنوات على إعلان أكبر اكتشاف غاز في تركيا، تبرز خطوات أخرى، تحققها أنقرة على صعيد تعزيز أمن الطاقة وتقليل الواردات التي بلغت قيمتها 4 ملايين و550 ألف دولار في يونيو/حزيران (2025).
وما تزال المساعي جارية على قدم وساق لتطوير حقل صقاريا، حتى زيادة الإنتاج إلى 40 مليون متر مكعب يوميًا بحلول عام 2028 ليتضاعف عدد المنازل المستفيدة 4 أضعاف من المستويات الحالية.
وجاء الاكتشاف -الذي عُرِف فيما بعد باسم حقل صقاريا في البحر الأسود- بعد العثور على احتياطيات قُدِّرت بـ320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي داخل البئر "تونا-1" (Tuna-1) في 20 يوليو/تموز (2020).
وصقاريا هو أول حقل غاز بالمياه العميقة وأكبر اكتشاف غاز في تركيا، ويقع داخل المربع "سي 26" في غرب البحر الأسود قبالة سواحل مدينة فيليوس، وداخل المنطقة الاقتصادية الخاصة، بحسب التفاصيل لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
أهمية أكبر اكتشاف غاز في تركيا
احتفى وزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار بالذكرى الخامسة لإعلان أكبر اكتشاف غاز في تركيا، الذي كَشَف عنه النقاب الرئيس رجب طيب أردوغان في 21 أغسطس/آب 2020.
وفي ذلك اليوم، خرج أردوغان في بيان يقول: "سفينتنا للحفر (الفاتح) حققت أكبر اكشاف غاز طبيعي في تاريخ تركيا.. عثرت على احتياطيات بـ320 مليار متر مكعب في البئر "تونا-1"، بعدما بدأت في 20 يوليو/تموز 2020".
وتوضيحًا لأهمية اكتشاف الغاز ودوره في تلبية الطلب المحلي على الغاز في تركيا، قال بيرقدار، إن إجمالي إنتاج الحقل وصل إلى 4 مليارات متر مكعب حتى تاريخه.
وحاليًا، تُسهم حقول الغاز في البحر الأسود في تلبية احتياجات 4 ملايين منزل تركي، كما من المقرر زيادة العدد إلى 16 مليون منزل بحلول عام 2028.
يُشار هنا إلى أن تركيا أعلنت خلال مايو/أيار (2025) اكتشاف غاز طبيعي في البحر الأسود باحتياطيات 75 مليار متر مكعب، وقُدِّرت قيمتها بنحو 30 مليون دولار، كما أنها قادرة على تلبية الطلب المنزلي لمدة 3 سنوات ونصف.
وبحسب الوزير بيرقدار، فاكتشاف الغاز في صقاريا هو "رمز للأسطورة التي كتبناها في الوطن الأزرق"، ويفتح الباب أمام آفاق جديدة للتنقيب والإنتاج محليًا.
"الوطن الأزرق" سياسة وعقيدة بحرية - جيوسياسية، وضعها رئيس أركان البحرية التركية السابق جهاد يايجي، وتستهدف تدعيم الاستقلال الإستراتيجي وحماية المصالح البحرية، وعلى رأسها حقوق التنقيب عن الثروات الطبيعية.
وأضاف أن قدرات التنقيب والإنتاج التركية قد وصلت إلى مرحلة شديدة الأهمية خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكدًا استمرار العمل دون هوادة لاستكشاف وإنتاج موارد الطاقة المحلية.
مراحل تطوير حقل صقاريا للغاز الطبيعي
بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة، استُعمِلت منصة الحفر فاتح (Fatih) في التنقيب عن الغاز الطبيعي داخل الحقل الذي يبعد 170 مترًا عن الشاطئ، وعلى عمق 2200 متر.
يربط الحقل بالشاطئ خط أنابيب بطول 170 كيلومترًا، وقُطر 16 بوصة، ووصل أول غاز طبيعي إلى البر في 20 أبريل/نيسان (2023).
وبالإضافة إلى "فاتح"، ويوجد بالحقل 3 منصات حفر أخرى هي "كانوني" (Kanuni) و"يافوز" (Yavuz) و"عبد الحميد هان" (Abdülhamid Han).
تضم المرحلة الأولى من خطة تطوير حقل صقاريا للغاز الطبيعي 12 بئرًا، بمعدل إنتاج 9 ملايين و500 ألف متر مكعب يوميًا.
وفي المرحلة الثانية التي مازالت قيد التطوير، ستضطلع منصة الإنتاج العائمة "عثمان غازي" بسعة 10 ملايين و500 متر مكعب يوميًا بدور مهم، حيث من المقرر أن تعالج الغاز الطبيعي ثم تنقله إلى البحر.
|
اقرأ أيضاً: الموانئ التركية تشترط على السفن إثبات عدم صلتها بإسرائيل |
وبحلول منتصف عام 2026 المقبل، ستضاعف المنصة بطول 298 مترًا وعرض 56 مترًا إنتاج أكبر اكتشاف غاز في تركيا إلى 20 مليون متر مكعب يوميًا.
وبعد وصولها قبل نهاية العام الماضي (2024)، أصبحت تركيا سادس دول العالم التي تمتلك مثل هذه المنصة العملاقة بعد أميركا وروسيا والبرازيل والنرويج وماليزيا.
وخلال المرحلة التطويرية الثالثة، من المقرر إضافة منصة إنتاج عائمة ثانية، على أن يبدأ إنتاج 40 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز الطبيعي بحلول عام 2028.
وبعد إكمال المرحلة الأخيرة بعد 3 سنوات من الآن، من المتوقع أن يلبي حقل غاز صقاريا 30% من احتياجات الغاز الطبيعي في تركيا.
ومن بين آخر التطورات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة مؤخرًا، كان فوز شركة "هانتينغ" البريطانية (Hunting) في يوليو/تموز (2025) بعقد لتوريد معدّات للمرحلة الثالثة، على أن يكون التسليم في الربع الأول من 2027.
وفي الصفقة بقيمة 31 مليون دولار، ستزوّد الشركة وصلات مرنة تربط منصة الإنتاج العائمة بأنظمة الإنتاج تحت سطح البحر، التي تضم 32 بئرًا.
