تعرّض مقترح إطاري دولي لخفض انبعاثات الشحن البحري العالمية لاعتراضات واسعة من دول كبرى، أدت إلى تأجيل اعتماده لمدة عام، بعد أسبوع من الجدل الحاد بين المؤيدين والمعارضين في العاصمة البريطانية لندن.
ويعتمد الإطار المقترح من المنظمة البحرية الدولية -التابعة للأمم المتحدة- على تغريم السفن كثيفة الانبعاثات، ومكافأة الملتزمة منها، مع استعمال الأموال المحصلة من الغرامات في تمويل مبادرات الانتقال نحو الوقود النظيف.
وكان من المقرر دخول الإطار حيز التنفيذ في قطاع الشحن البحري العالمي بداية من عام 2028، لكن ضغوطًا دولية قادتها الولايات المتحدة والسعودية وانضمت إليها روسيا والإمارات ودول أخرى، أدت إلى تأجيله لمدة عام، بحسب نتائج تصويت أجرى في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
ورغم نجاح الضغوط الدولية في تأجيل الاعتماد، فإن هذا الإطار ما زال يعاني ثغرات حرجة يجب على المنظمة البحرية الدولية معالجتها لضمان انتقال عادل ومستدام للطاقة في قطاع النقل البحري العالمي، بحسب دراسة نقدية للإطار صادرة عن شركة ريستاد إنرجي.
ويتيح التأجيل وقتًا كافيًا للدول الأعضاء لدراسة البنود الغامضة أو المثيرة للجدل في هذا الإطار قبل العرض عليها مجددًا للتصويت في أكتوبر/تشرين الأول 2026.

انبعاثات الشحن البحري من إحدى السفن - الصورة من Freight Waves
ثغرات إطار انبعاثات الشحن البحري
كشفت دراسة ريستاد إنرجي للإطار المقترح من المنظمة البحرية الدولية، عن وجود تفاوت كبير بين تقديرات العرض والطلب للوقود النظيف المعول عليه للحلول محل الوقود الأحفوري لخفض انبعاثات الشحن البحري العالمية.
واستندت شركة الأبحاث في هذه الدراسة إلى بيانات الوقود التقليدي والبديل من مشتقات الهيدروجين والوقود الحيوي، بالإضافة إلى بيانات تركيبة أسطول الوقود البديل، والبنية التحتية للمواني، وقدرات أحواض بناء السفن العالمية.
وبموجب الإطار المقترح من المنظمة البحرية الدولية، يمكن للسفن التي تحقق الهدف المطلوب في خفض الانبعاثات أن تحصل على وحدات فائضة (Sus) قابلة للتداول مع السفن التي تعاني عجزًا في الامتثال، أو إيداعها في البنك لاستعمالها مستقبلًا، أو بيعها للمساعدة في تعويض انبعاثات الكربون من السفينة.
ورغم أن النظام يشجع السفن على الامتثال لمعايير خفض انبعاث الشحن البحري، ويوفر وسيلة تمويل جيدة للتحول إلى بدائل الوقود الصديقة للبيئة، فإن تقديراته ما زالت مفرطة في التفاؤل على جانبي الامتثال وعدم الامتثال.
وتشير تقديرات ريستاد إنرجي إلى أن السفن الملتزمة بسقف الانبعاثات قد تستطيع توفير وحدات فائضة لتداول 40 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون المتجنب في عام 2028، تزيد إلى 53 مليون طن بحلول عام 2035.
بينما يُتوقع أن ترتفع معدلات عجز السفن الأخرى عن الامتثال من 47 مليون طن إلى 234 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2035، ما يشير إلى فجوة كبيرة في النظام.
ومن المقرر أن تتحدد أسعار تداول الكربون بين السفن الملتزمة وغير الملتزمة على أساس العرض والطلب، ما قد يؤدي إلى اختلال التسعير حتى عام 2035 ليصل إلى 380 دولارًا لكل طن.

انبعاثات ناقلة بضائع في إسبانيا - الصورة من Dialogue Earth
غرامات انبعاثات الشحن البحري
يفترض الإطار المقترح من المنظمة البحرية الدولية أن الوحدات الفائضة من السفن الملتزمة ستعوّض بصورة كبيرة غرامات غير الملتزمين حتى عام 2030.
ورغم ذلك، فإن الآلية قد تحد دون قصد من الحوافز المالية المتاحة للمعتمدين الأوائل على تقنيات خفض انبعاثات الشحن البحري.
ومن المتوقع أن يظهر الأثر السلبي بصورة أوضح بداية من عام 2031، عندما تصبح الوحدات الفائضة نادرة بصورة متزايدة بالتزامن مع تشديد سقف الامتثال، ما قد ينتج عنه زيادة عجز شركات الشحن عن الالتزام بخفض الانبعاثات المقررة، ومن ثم زيادة تحصيل الغرامات منها.
وبحسب تقديرات ريستاد إنرجي، فمن المتوقع أن تصل هذه الغرامات إلى 13 مليار دولار في عام 2028، قبل أن ترتفع إلى 79 مليار دولار بحلول عام 2035.
وتنصح شركة الأبحاث بدراسة متأنية لنظام المكافآت والعقوبات في الإطار المقترح من المنظمة البحرية الدولية حتى لا يتحول إلى مجرد نظام لتحصيل الغرامات، وتضيع الفائدة الأكبر منه في دفع خطط خفض انبعاثات الشحن البحري عالميًا.
كما توصي بإعادة دراسة الإطار المقترح لتداول الكربون في القطاع، وتوخي الحذر في تقديرات المعروض من أنواع الوقود البديل ذات التكاليف الكبيرة حتى الآن.
المصدر: الطاقة






