برعاية معالي وزير النقل والخدمات اللوجستية رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للنقل المهندس صالح بن ناصر الجاسر، اختتمت أمس في فندق الريتز كارلتون بمحافظة جدة أعمال المؤتمر الدولي الثاني لاستدامة الصناعة البحرية 2025، وسط حضور رفيع المستوى ضم وزراء النقل والخدمات اللوجستية، وسفراء، وخبراء دوليين، وقادة منظمات بحرية عالمية.
وافتتح الحفل معالي المهندس الجاسر, بكلمة أكّد فيها أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - ماضية في تعزيز موقعها الريادي في صناعة النقل البحري، مسترشدة برؤية المملكة 2030 التي جعلت من الاستدامة محورًا رئيسيًا لمشاريعها الإستراتيجية.
وأشار معاليه إلى أن المملكة تسعى من خلال مبادراتها ومشاريعها النوعية إلى بناء منظومة بحرية متكاملة، توازن بين متطلبات النمو الاقتصادي والمحافظة على البيئة البحرية، وتعمل على تطوير الكفاءات الوطنية وتمكينها من قيادة مستقبل هذا القطاع الحيوي.
وأكّد الجاسر أن استضافة المملكة لهذا المؤتمر الدولي تأتي في إطار التزامها العميق بتعزيز التعاون الدولي والشراكات الإستراتيجية مع المنظمات البحرية العالمية، مشيرًا إلى أن النجاحات التي حققها قطاع النقل البحري السعودي في السنوات الأخيرة تمثل انعكاسًا مباشرًا لدعم القيادة الرشيدة، واستمرار العمل على تطوير البنية التحتية للموانئ، وتحسين جودة الخدمات، وزيادة القدرة التنافسية بما يواكب التحولات الاقتصادية العالمية.
كما شهدت الجلسة الافتتاحية كلمات رسمية ألقاها كل من الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية (IMO) أرسينيو دومينغيز، والأمين العام للمنظمة الدولية للمساعدات البحرية (IALA) فرانسيس زاكاريا، الذين أشادوا بدور المملكة في ترسيخ شراكات عالمية تسهم في بناء مستقبل بحري أكثر استدامة وتعزز من تطوره في المستقبل.
ويأتي تنظيم المؤتمر في إطار التزام المملكة بتعزيز شراكاتها الدولية وتبني أحدث الحلول التقنية والمالية لتحقيق صناعة بحرية أكثر كفاءة واستدامة، فيما تتواصل فعالياته غدًا بجلسات حوارية وورش عمل جديدة تسلط الضوء على الرقمنة والأمن السيبراني ودور الكفاءات البشرية في رسم مستقبل القطاع البحري.
وقد شهد اليوم الأول من "المؤتمر الدولي الثاني لاستدامة الصناعة البحرية"، توقيع (10) اتفاقيات إستراتيجية جمعت عددًا من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، بهدف تطوير صناعة النقل البحري وتعزيز استدامته.
اقرأ أيضاً: السعودية ترتبط بـ18 ميناء عالميا عبر خدمة شحن جديدة |
ووقعت الهيئة اتفاقية مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، تهدف إلى تنظيم والإشراف على تنفيذ لائحة عقد العمل البحري، بما يضمن حقوق العاملين، ويعزز جاذبية المهن البحرية، وأبرمت اتفاقية مع وزارة الصحة تتعلق بالفحص الطبي للبحارة، إلى جانب توقيعها لاتفاقية مع الهيئة العامة للموانئ بشأن تنظيم الوساطة في الشحن، بما يسهم في رفع كفاءة العمليات، ويعزز التنافسية ويدعم مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.
وفي مجال البحث والتطوير وقعت الهيئة اتفاقية مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية "كاوست" تستهدف خفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز الابتكار في النقل البحري، ودعم المشاريع البحثية المتخصصة، وأبرمت اتفاقية مع الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات "جيبكا"، تُعنى بالنقل البحري الآمن والمستدام للبضائع البتروكيماوية والكيميائية، واتفاقية مع المركز الوطني لإدارة النفايات، لتعزيز الممارسات البيئية المستدامة في إدارة المخلفات البحرية.
وتعكس هذه الاتفاقيات حرص الهيئة العامة للنقل على بناء شراكات إستراتيجية تواكب مستهدفات رؤية المملكة 2030، وترسخ مكانة المملكة مركزًا لوجستيًا عالميًا ومحورًا رئيسًا لربط القارات الثلاث.
وشهد المؤتمر توقيع اتفاقية بين المركز الوطني للحياة الفطرية والشركة السعودية للاستثمار وإعادة التدوير.
وفي السياق ذاته، وقعت الأكاديمية البحرية الوطنية اتفاقيتين، إحداهما مع كلية الدراسات البحرية بجامعة الملك عبدالعزيز، والأخرى مع جمعية عاصم لتأهيل وتدريب الأيتام، واتفاقية بين شركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة السعودية والكلية التطبيقية في جامعة جدة.
وإلى جانب ذلك، استضاف المؤتمر في يومه الأول عددًا من ورش العمل والجلسات الحوارية التي ناقشت مستقبل القطاع البحري وسبل تطويره، بمشاركة نخبة من الشخصيات البارزة والخبراء الدوليين، وانطلقت الجلسة الوزارية الأولى بمشاركة عدد من الوزراء، يتقدمهم معالي وزير النقل والخدمات اللوجستية المهندس صالح بن ناصر الجاسر، ومعالي وزير المواصلات والاتصالات في مملكة البحرين الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة، ووزير النقل في جمهورية ليبيريا سيرليف، ووزير الشحن بجمهورية قبرص مارينا حاجيمانول، ووزير السياحة في دومينيكا دينيس تشارلز بيمبرتون، وتناولت الجلسة أهمية تبني الممارسات المستدامة في تشغيل الموانئ وإدارة الأساطيل، ودور التحول الرقمي والابتكار التقني في رفع كفاءة العمليات البحرية وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع، وركزت الجلسة على ضرورة تعزيز التعاون الدولي والإقليمي لمواجهة التحديات المشتركة، وفي مقدمتها خفض الانبعاثات الكربونية، وتحسين معايير السلامة، وتنمية الكوادر البشرية المتخصصة.
اقرأ أيضاً: البحرين تؤكد دعمها للمبادرات الدولية في استدامة الصناعة البحرية |
عقب ذلك انطلقت الجلسة الأولى بعنوان "وجهات نظر القيادة حول استدامة الصناعة البحرية"، وتناول المشاركون فيها أبرز التوجهات العالمية لتعزيز الاستدامة في القطاع البحري، وناقشوا أهمية الابتكار والتقنيات الحديثة، والتعاون الدولي لضمان مستقبل أكثر كفاءة وتنافسية لهذه الصناعة الحيوية.
وفي الجلسة الثانية، التي حملت عنوان "كفاءة الطاقة في الشحن.. مسارات للحد من الانبعاثات"، تحدث المشاركون عن رفع كفاءة تشغيل الموانئ، والانتقال إلى مصادر طاقة أكثر استدامة، مع التوسع في استخدام التقنيات الحديثة للحد من الانبعاثات الكربونية، والجلسة الثالثة "التأمين والتمويل البحري" وتطرق فيها المتحدثون إلى أهمية تطوير أدوات التأمين البحري والتمويل المبتكر لدعم القطاع، وتناولت الجلسة الرابعة "الحلول المالية والتكنولوجية لكفاءة الطاقة" دور الابتكار المالي والتكنولوجي في تعزيز كفاءة الطاقة في صناعة النقل البحري.
وشهد "المؤتمر الدولي الثاني لاستدامة الصناعة البحرية" تنظيم 3 ورش عمل، وهي تنفيذ إستراتيجيات إزالة الكربون في عمليات الشحن، ووضع خارطة طريق لاستدامة المؤسسات البحرية الصغيرة والمتوسطة، والحد من الضوضاء تحت الماء، فائدة متبادلة لأهداف الشحن المتعلقة بالمناخ والتنوع البيولوجي.
كما وأوصى المؤتمر الدولي الثاني لاستدامة الصناعة البحرية (SMIC 2025)، بتعزيز دمج معايير البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG)، من خلال وضع معايير وطنية ملزمة، وتبني آليات التمويل الأخضر لدعم المشاريع المستدامة, كذلك تعزيز التعاون والمواءمة العالمية، عبر تطوير الشراكات مع المنظمات الدولية والتحالفات الإقليمية، بما يسهم في توحيد اللوائح والمعايير الداعمة للاستدامة البحرية.
ودعا المؤتمر إلى ضرورة تطوير الموانئ الذكية واللوجستيات الخضراء، عبر تسريع وتيرة الرقمنة والأتمتة، وإدماج مصادر الطاقة المتجددة في الموانئ ومراكز الخدمات اللوجستية، بما يرفع الكفاءة التشغيلية ويخفض الانبعاثات البيئية.
واختتمت التوصيات بالتأكيد لتنمية رأس المال البشري للتحول الأخضر، من خلال إطلاق برامج تدريب واعتماد متخصصة، تُمكّن الكوادر البحرية والهندسية والمهنية من تشغيل وصيانة التقنيات المستدامة، وضمان انتقال عادل للعمالة نحو بيئة بحرية أكثر استدامة.