التأمين البحري: الدور الحيوي في تعزيز التجارة الدولية من خلال توفير حماية شاملة للسفن والبضائع في قلب المحيطات
يلعب التأمين البحري دورا حيويا في الصناعة البحرية العالمية، حيث يوفر حماية أساسية ضد العديد من المخاطر المرتبطة بنقل البضائع عبر المياه، بدءا من خسائر البضائع الناتجة عن العواصف والحوادث وصولا إلى المسؤوليات الناجمة عن الأضرار البيئية، حيث يغطي التأمين البحري مجموعة واسعة من المخاطر المحتملة.
ومع استمرار التجارة العالمية في التوسع، أصبح فهم المسائل الجوهرية التي تتعلق بالتأمين البحري أمرا أساسيا لكل من يشارك في النقل البحري أو الخدمات اللوجستية أو الأعمال البحرية، لضمان بقائهم على استعداد للتعامل مع طبيعة البحار التي تحمل العديد من التقلبات والمفاجآت. في هذا العدد، تستكشف ربان السفينة أهمية الدور الذي يلعبه التأمين البحري في الصناعة البحرية من خلال استعراض آراء الخبراء وتسليط الضوء على المطالبات التأمينية الأساسية والتغطيات الإلزامية.
تأمين الهيكل والآلات (H&M) والحماية والتعويض (P&I)
نظرا لكون التأمين البحري ضروري لحماية أصحاب المصلحة من أي أضرار أو خسائر تتعلق بالبضائع والسفن، تبرز التحديات الأساسية عندما يتعين على شركات التأمين وملّاك السفن التعامل مع التعقيدات المتزايدة المتعلقة بتأمين الهيكل والآلات (H&M) وتأمين الحماية والتعويض (P&I).
وفي هذا الإطار، يقول أمجد ونيس، المدير الإداري لشركة Brandenburg Marine Insurance Brokers، المتخصصة بوساطة التأمين البحري: "أنّ "شركات التأمين وملّاك السفن يواجهون تحديات عديدة، بما في ذلك تعقيد سياسات تأمين الهيكل والآلات (H&M) والحماية والتعويض (P&I)، التي تتمتع بنطاقات تغطية مختلفة، حيث إنّ التنقل بين البيئات التنظيمية المتنوعة يجعل آليات المطالبات أكثر تعقيدا، في حين أن التغيرات في ملفات المخاطر بسبب عوامل عديدة مثل القرصنة واللوائح البيئية تستدعي إجراء تعديلات مستمرة على وثائق التأمين المعتمدة. كما إن تقييم الأصول بدقة للقيام بتغطيتها يعد تحديا أيضا، لا سيما في ظل التقلبات التي تشهدها الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المخاطر الناشئة، مثل التهديدات السيبرانية والضغوط البيئية المتزايدة أن تقوم شركات التأمين بتعديل سياساتها وفقا لذلك."
من وجهة نظر أمير مصدقي، الرئيس التنفيذي لنادي الحماية والتعويض IPANDI، فإن التعامل مع تعقيدات وثائق تأمين الهيكل والآلات H&M والحماية والتعويض P&I يشتمل على عدة تحديات لكل من شركات التأمين وملّاك السفن، حيث تكمن الصعوبة الأساسية في فهم الفروقات والتداخلات الدقيقة في التغطية بين وثائق تأمين الهيكل والآلات H&M والحماية والتعويض P&I، ففي حين تغطي وثائق تأمين الهيكل والآلات H&M الضرر المادي للسفينة نفسها، تركز وثائق الحماية والتعويض P&I على المسؤوليات تجاه الطرف الثالث، بما في ذلك أضرار البضائع والتلوث ومطالبات الطاقم.
وبحسب Arun Natarajan، رئيس القسم البحري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى شركة Mercer، هناك حاليا العديد من التعقيدات في إدارة المشهد الحالي لقطاع التأمين البحري والخسائر أو الأضرار المرتبطة بالبضائع والسفن. فمع انتقال الصناعة إلى خيارات وقود أكثر صداقة للبيئة، ترتفع تكاليف التشغيل بالنسبة لملّاك السفن، كما تنشأ حالة من عدم اليقين حول تأثير هذا النوع من الوقود على الآلات. ويضيف Natarjan: "يواجه كل من العملاء وشركات التأمين زيادة في تكاليف المطالبات، والتي تُعزى إلى ارتفاع تكاليف الإصلاح وتكاليف الاستبدال والرسوم القانونية على سبيل المثال. وفي حين أن رسوم التأمين العالمية تتجه نحو الاستقرار، فإن استمرار حالة عدم اليقين يجعل من الصعب على العملاء تكييف ميزانياتهم لدفع الأقساط المترتبة عليهم، مما قد يؤدي إلى حالة من عدم اليقين عند تحضير الميزانية العمومية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ التغير في التشريعات يتطلب مزيدا من التركيز على التعرض للمسؤولية القانونية والمخاطر المتعلقة بالأمن السيبراني."
أسس الحماية
إن طلب شركات التأمين في غالب الأحيان تقديم دلائل تثبت القيام بالصيانة المطلوبة والامتثال للمعايير التنظيمية كشرط للحصول على التغطية، يوفر ضمانات لملّاك السفن بأنّ بإمكانهم حماية أنفسهم من المخاطر المالية المرتبطة بالحوادث غير المتوقعة عبر العديد من الطرق. ويعتقد مصدقي أنّه يتوجب على ملّاك السفن أن يتأكدوا من أن سفنهم في حالة ممتازة وأنها تلتزم بجميع المعايير التنظيمية ذات الصلة لكي يتمكنوا من حماية أنفسهم، كما أن اعتماد النهج الاستباقي في الصيانة والالتزام ببروتوكولات السلامة يساهم بشكل كبير في مساعدة ملّاك السفن على حماية أنفسهم من المخاطر المحتملة.
ويضيف أن "استخدام تقارير الكشف التي يقوم بها مفتشون مستقلون بناء على طلبنا يُعد عنصرا رئيسيا في هذه العملية، حيث توفر هذه التقارير تقييما دقيقا لحالة السفينة، مع تحديد أي مشاكل محتملة قد تؤثر على السلامة أو تؤدي إلى مطالبات مكلفة، حيث يمكن لملّاك ومستأجري السفن من خلال مراجعة هذه التقارير بعناية، تحديد المجالات التي تحتاج إلى اهتمام فوري، مثل الإصلاحات الهيكلية، وتطوير المعدات، أو تعديلات الامتثال. كما يساعد اتخاذ إجراءات سريعة بناء على نتائج هذه التقارير في ضمان تصحيح أي وجه من أوجه قصور قبل أن تتفاقم وتتحول إلى مشكلات كبيرة. إذ تساعد هذه الإجراءات الاستباقية في الحفاظ على أهلية السفينة للحصول على التغطية التأمينية وتظهر التزامها بأفضل الممارسات، وهو ما تقدره شركات التأمين للغاية."
بدوره، يعتبر أمجد ونيس أنه يمكن لملّاك السفن حماية أنفسهم من خلال اعتماد عدة استراتيجيات رئيسية مثل الصيانة والتفتيش المنتظم، والامتثال للمعايير التنظيمية، وتوثيق السجلات، والاستثمار في التكنولوجيا، وتدريب الطاقم وكفاءته، وخطط إدارة المخاطر والتخفيف منها، إضافة إلى المراجعات وعمليات التفتيش الدورية، ومراجعة تغطية التأمين، والتعاون مع هيئات التصنيف، والقيام بإجراءات استباقية تتعلق بالبيئة والسلامة. كما يعتقد Natarajan أن ملّاك السفن الذين يطبقون مبادئ الحوكمة بالطريقة الصحيحة يضمنون الحفاظ على السفن بشكل جيد، وسيكون لديهم رأس المال المناسب المخصص للصيانة الدورية والمخططة ضمن ميزانياتهم، بما في ذلك الصيانة في أحواض السفن. ويضيف: "علاوة على ذلك، يستثمر ملّاك السفن في تطوير فريق تقني داخلي جيد لإدارة عمليات الصيانة، بما في ذلك إدارة الطاقم والتدريب، أو يتعاقدون مع شركات إدارة السفن ذات السمعة الجيدة. ومع ذلك، لا تتوفر الوسائل أو النية لدى جميع ملّاك السفن للقيام بهذه الإجراءات التي سبق الحديث عنها، حيث لا يزال البعض يعتبر التغطية التأمينية الخاصة بهم عقد صيانة."
البيئة التكنولوجية
في عصر التكنولوجيا، تقوم شركات التأمين بتبني التكنولوجيا المتقدمة بشكل متزايد لتعزيز عملياتها وتحسين تجربة العملاء. وفي هذا الإطار، يقول Arun Natarajan: "إن سوق التأمين يتغير باستمرار ويتكيف مع البيئة التكنولوجية المتغيرة. ويضيف: "تقوم شركات التأمين بتبني التحول الرقمي لتحسين عملياتها وكفاءاتها وتفاعلها مع العملاء. وقد قامت العديد منها بالاستثمار في مجالات مثل تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر ونماذج المطالبات، كما تحاول هذه الشركات أيضا إدخال بعض الخدمات المتطورة إلى المنتجات التي يقدمونها بما في ذلك نماذج الكوارث. كما تجدر الإشارة إلى أن بعض شركات التأمين الكبرى ربما استثمرت أيضا في تكنولوجيا Blockchain."
كما يشير أمجد ونيس إلى أن تبني التكنولوجيا الجديدة يشمل استخدام تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي للحصول على ملفات تعريف مخاطر أكثر دقة، ودمج أنظمة الاتصالات عن بُعد (Telematics) وإنترنت الأشياء لمراقبة السفن في الوقت الفعلي، بالإضافة إلى اعتماد الصيانة التنبؤية لتجنب الأعطال الميكانيكية المكلفة. ويضيف ونيس: "تعمل شركات التأمين أيضا على تطوير سياسات الأمن السيبراني للتصدي للتهديدات المتزايدة للهجمات السيبرانية والاستفادة من تقنية Blockchain لتسريع عملية معالجة المطالبات، فضلا عن استخدام الطائرات بدون طيار وصور الأقمار الصناعية لإجراء عمليات تفتيش أكثر كفاءة. كما تسهم المنصات الرقمية بأتمتة العمليات، مما يتيح تخصيص السياسات بناء على البيانات الفورية، في حين تعمل أدوات الواقع الافتراضي والمعزز على تحسين عمليات التدريب على تقييم المخاطر والتعامل معها. كما إن التعاون مع شركات التكنولوجيا التأمينية يسهم بشكل أكبر في دفع عجلة الابتكار، مما يساعد شركات التأمين على تلبية الاحتياجات المتطورة لقطاع النقل البحري بشكل فعال."
من منظور آخر، يوضح مصدقي كيف أن شركات التأمين تتكيف بشكل متزايد مع التطورات التكنولوجية لتعزيز الخدمات وتبسيط العمليات وإدارة المخاطر بشكل أفضل. ويقول: "يمكن لنظام مترابط ومتطور أن يُحدث تحولا في الوصول إلى معلومات التأمين، مما يتيح الاسترجاع الفوري للبيانات الحيوية مثل وثائق التأمين وسجل المطالبات والمستندات الخاصة بالامتثال."
كما يشير إلى أن اعتماد هذه التطورات التكنولوجية يُمكّن أصحاب المصلحة من التكيف مع التغيرات الكبيرة التي يشهدها القطاع البحري، مما يعزز السلامة والامتثال والكفاءة التشغيلية. ومع ما يقرب من عقدين من الخبرة في هذا المجال، قد أصبح من الواضح أن الاستفادة من الأدوات والموارد الجديدة أمر ضروري للنجاح في عالم دائم التغير."
المخاطر السيبرانية
من وجهة نظر مصدقي، مع استمرار ارتفاع المخاطر السيبرانية في القطاع البحري، يواجه مقدمو خدمات التأمين تحديا في تحقيق التوازن بين الابتكار الرقمي واتخاذ تدابير قوية لأمن البيانات. ويقول: "يُعتبر الأمن السيبراني أمرا حاسما في صناعتنا، حيث يؤدي الاعتماد المتزايد على الأنظمة الرقمية والتقنيات المتصلة إلى تعريض السفن والمشغلين لمخاطر كبيرة مثل اختراق البيانات وهجمات الفدية وتعطيل الأنظمة. وفي ظل الاعتراف بأهمية الأمن السيبراني، يلتزم القطاع البحري بحماية جميع الأطراف المعنية من التهديدات التي تنتج عن الممارسات المتعلقة باعتماد التكنولوجيات المتطورة في العمليات البحرية."
ويوضح مصدقي: "إن البقاء على اطلاع بأحدث التقارير والتعاميم والتطورات في الصناعة البحرية يضمن أن تظل الممارسات والسياسات قادرة على الاحتفاظ بفعاليتها. كما أن التواصل الاستباقي حول التهديدات السيبرانية الناشئة، جنبا إلى جنب مع تقديم التوجيهات بشأن أفضل الممارسات، مثل تنفيذ بروتوكولات أمان قوية، وإجراء تحديثات منتظمة للنظم، وتوفير التدريب للموظفين يسهم بشكل كبير في تعزيز الاستعداد العام. كما إن تحسين البنية التحتية الرقمية بإجراءات أمان قوية يسمح بالاستخدام الموثوق للأدوات المبتكرة دون المساومة على السلامة، لا سيما أن تحقيق التوازن بين الابتكار والأمان أساسي لتعزيز مجتمع بحري مرن وآمن."
ويعتقد Natarajan أن المنظمة البحرية الدولية تعمل على مواجهة مخاطر الأمن السيبراني من خلال إدراج مبادئ إدارة الأمن السيبراني كجزء من توجيهاتها المتنوعة لإدارة السلامة. حيث إن الامتثال لأنظمة إدارة السلامة التي تتضمن إجراءات لإدارة المخاطر السيبرانية يعتبر ضمانا صريحا بموجب سياسات التأمين البحري، وخاصة التأمين على الهيكل والآلات (H&M) وتأمين الحماية والتعويض (P&I).
من منظور آخر، يشير ونيس إلى أن شركات التأمين في القطاع البحري تتعامل بشكل استباقي مع تزايد التهديدات السيبرانية المرتبطة بالابتكار الرقمي من خلال تنفيذ مجموعة من التدابير الاستراتيجية. حيث تعمل هذه الشركات على تطوير سياسات متخصصة للتأمين السيبراني لتغطية المخاطر مثل اختراق البيانات وطلبات الفدية، مع تعزيز بروتوكولات أمن البيانات الخاصة بها باستخدام إجراءات قوية مثل الجدران النارية والتشفير. كما أن دمج تقييمات المخاطر السيبرانية في عملية الاكتتاب يساعد في تعديل الأقساط بناء على ممارسات الأمن السيبراني لملّاك السفن، مما يشجع على المزيد من الاستثمارات في مجال تعزيز الأمن السيبراني.
ويضيف ونيس: "إن التعاون مع خبراء الأمن السيبراني وتثقيف أطقم السفن يعزز الوعي والاستعداد لمواجهة التهديدات السيبرانية. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم شركات التأمين تقنيات متقدمة لاكتشاف المخاطر المحتملة، وتعزز الامتثال للمعايير الدولية للأمن السيبراني، مع التأكيد على أهمية خطط الاستجابة للحوادث، حيث تمكّن هذه الخطوات شركات التأمين من تحقيق التوازن بين فوائد التقدم الرقمي والحماية القوية ضد التهديدات السيبرانية، مما يحمي مصالحهم ومصالح عملائهم."
امتثال ملاك السفن للمعايير البحرية
تلعب شركات التأمين البحري دورا محوريا في التأثير على امتثال ملّاك السفن للمعايير البحرية العالمية. وفي هذا الإطار، يشير Natarajan إلى أن سياسات التأمين تتضمن كفالة ضمنية لبذل العناية الإلزامية بالإضافة إلى ضمانات صريحة تتعلق بالامتثال لنظام إدارة السلامة وتصنيف السفن. وعندما يقدم القطاع لوائح جديدة مثل لوائح الأمن السيبراني، تسعى شركات التأمين إلى مواكبة ذلك من خلال طرح منتجات تأمين بحري تغطي مخاطر الأمن السيبراني. كذلك، عندما فرضت الصناعة لوائح الوقود وبدأ قطاع النقل البحري تركيب معدات إضافية مثل أنظمة تنقية الانبعاثات (Scrubbers)، قامت شركات التأمين، وخاصة نوادي الحماية والتعويض (P&I Clubs) بإجراء دراسات شاملة لإدخال معايير جديدة لإدارة المخاطر.
من منظور آخر، يعتقد ونيس أن شركات التأمين البحري تؤثر بشكل كبير على التزام ملّاك السفن بالمعايير اللازمة من خلال آليات متنوعة. فهي غالبا ما تشترط الامتثال للوائح الدولية، مثل تلك التي وضعتها المنظمة البحرية الدولية (IMO)، كشرط للتغطية التأمينية. كما تؤدي تقييمات المخاطر إلى تحديد أقساط مختلفة، حيث يحصل ملّاك السفن الملتزمون على أسعار أقل، مما يشجع على تطبيق معايير تشغيلية عالية. وعلاوة على ذلك، قد تفرض شركات التأمين تدقيقات وكشوفات منتظمة للتحقق من الامتثال، حيث قد يؤدي عدم الامتثال إلى رفض المطالبات أو تقليل التعويضات، مما يعزز الامتثال.ويضيف ونيس: "بالإضافة إلى ذلك، تتعاون شركات التأمين مع أصحاب المصلحة في الصناعة لتعزيز أفضل الممارسات واستخدام التكنولوجيا لمراقبة الامتثال في الوقت الفعلي. كما تقدم هذه الشركات موارد تعليمية وإرشادات حول الامتثال للمتطلبات القانونية. ومن خلال تحفيز الابتكار وتقديم دعم لإدارة الأزمات، تساعد شركات التأمين البحري في ضمان عمل الصناعة البحرية بسلامة وكفاءة بما بتناسب مع المعايير الدولية."
أما بالنسبة لـمصدقي، فإن شركات التأمين تحدد معايير التغطية بما يتماشى مع اللوائح الدولية وأفضل الممارسات في مجال السلامة البحرية وحماية البيئة ورفاهية الطاقم. من خلال اشتراط الامتثال لهذه المعايير للحصول على التغطية التأمينية، فإن شركات التأمين البحري تحفز ملّاك السفن على الحفاظ على مستويات عالية من التميز التشغيلي والالتزام باللوائح.
وسائل الحماية ضد القرصنة
في وقت تتزايد فيه المخاطر البحرية بشكل مستمر، يسعى قطاع التأمين البحري إلى تقديم وسائل الحماية الكافية ضد القرصنة المعاصرة. وفقا لونيس، تقدم التأمينات البحرية الحماية اللازمة ضد القرصنة، لكن فعالية هذه الحماية قد تختلف بناء على معايير وثائق التأمين وطبيعة الرحلة والمناطق التشغيلية. تشمل أنواع التغطية الرئيسية تأمين الهيكل والآلات (H&M) الذي يغطي الأضرار المادية التي تصيب هيكل السفينة، وتأمين مخاطر الحرب الذي يتعلق بالأعمال المرتبطة بالقرصنة، وتأمين الاختطاف والفدية (K&R) الذي يوفر دعما في مفاوضات الفدية. كما تغطي نوادي الحماية والتعويض (P&I) الالتزامات وتقدم المساعدة القانونية. وبالإضافة إلى ذلك، قد تحفز شركات التأمين اتخاذ تدابير وقائية، مثل تجهيز السفن بتقنيات مضادة للقرصنة.
وفي المقابل، يرى مصدقي أن العروض التي تقدمها شركات التأمين تتيح لملّاك السفن التقيد بالمبادئ التوجيهية ووثائق التأمين المرعية الإجراء: "تم تصميم وثائق التأمين بدقة للتعامل مع الطبيعة الديناميكية لتهديدات القرصنة، حيث تتضمن متطلبات محددة يجب على ملّاك السفن الموافقة عليها قبل الحصول على التغطية. كما إن أحد وسائل الحماية الأساسية هو تحديد المناطق ذات المخاطر العالية، التي تم دراستها وتعريفها بعناية بناء على أحدث المعلومات وتقييمات المخاطر. فمن خلال اتباع الطرق الموصي بها والالتزام ببروتوكولات السلامة الخاصة بنا، يمكن لملّاك السفن ضمان سفر أكثر سلامة، حيث تكون سفنهم وطواقمها أقل عرضة للتعرض لتهديدات القرصنة."
وبالنسبة إلى Natarajan، تقدم منتجات التأمين البحري السيبراني تغطية شاملة وحلا لمخاطر التهديدات السيبرانية المرتبطة بالقرصنة البحرية. ومع ذلك، فإن وثائق التأمين على الهيكل والآلات H&M والحماية والتعويض P&I لديها حاليا القليل جدا لتقدمه، على الرغم من حقيقة أن هذه الوثائق التأمينية تغطي بالفعل المخاطر المرتبطة بالقرصنة التقليدية.
التحديات الرئيسية
علاوة على ذلك، تواجه صناعة التأمين البحري تحديات رئيسية يتعين التعامل معها. وفي هذا الإطار، يعتقد Mosadeghi أن التحدي الرئيسي هو التكيف مع التغيرات التنظيمية العالمية، التي تختلف من منطقة إلى أخرى ويمكن أن تؤثر على تغطية التأمين وإدارة المطالبات. لا سيما أن زيادة تعقيد التهديدات السيبرانية وتكرارها بشكل متزايد يشكل خطرا على كل من الأصول المادية والبيانات الحساسة، بينما تطرح القضايا البيئية وتأثير تغير المناخ تحديات فريدة تتطلب من شركات التأمين التكيف مع المخاطر المتزايدة المرتبطة بالظواهر الجوية القاسية.
ووفقا لونيس، فإن قطاع التأمين البحري يواجه العديد من التحديات بسبب التغيرات المستمرة التي تشهدها الصناعة البحرية، بما في ذلك المخاطر الناشئة والتقدم التكنولوجي والتحولات التنظيمية. حيث تشمل القضايا الرئيسية الطبيعة المعقدة لبعض المخاطر مثل القرصنة والتهديدات الإلكترونية، والتي تتطلب من شركات التأمين أن تتكيف معها بشكل متزامن للتمكن من تقييمها وتغطيتها.
حيث إن التكنولوجيا، وعلى الرغم من أنها تساعد في تحسين الكفاءة إلا أنها تؤدي في الوقت نفسه إلى بروز تحديات جديدة. كما إن شركات التأمين يجب أن تبقى على اطلاع مستمر على التغييرات التي تطرأ على اللوائح التشريعية لضمان الامتثال لها، بالإضافة إلى المحافظة على قدرتها على تقديم الإرشادات اللازمة للعملاء.
ختاما، يعتقد Natarajan إن التحديات تشمل زيادة وتيرة وشدة الكوارث الطبيعية، بالإضافة إلى تغير المشهد السياسي على مستوى العالم والصعوبات في التجارة العالمية. علاوة على ذلك، يجب على الصناعة التكيف مع تعقيد اللوائح القانونية ومتطلبات الامتثال، لا سيما فيما يتعلق بالأمن السيبراني وحماية البيانات. وهناك أيضا مخاوف تتعلق باكتساب المواهب والاحتفاظ بها، فضلا عن الافتقار إلى التماسك داخل قطاع التأمين ذاته، حيث إن كل هذه الأمور تسهم في زيادة التعقيد في عمليات قطاع التأمين البحري، كما تؤثر على كفاءته بشكل كبير.
لقراءة المحتوى كاملا إضغط على الرابط التالي : مجلة ربان السفينة، العدد 94، نوفمبر/ ديسمبر 2024، موضوع العدد، ص. 14 |
اقرأ أيضاً | |
|