هيئات التصنيف تقود استجابة القطاع البحري للمتغيرات
شهد دور هيئات التصنيف في القطاع البحري تحولات كبيرة على مدى العقدين الماضين، إذ كان عمل هذه الهيئات يرتكز في المقام الأول على ضمان الامتثال لمعايير السلامة والبيئة. أما الآن وفي ظل التغيرات التي طرأت على هذا القطاع، فقد تطور دورها لتصبح هيئات استشارية قيمة تقود رحلة القطاع البحري للاستجابة إلى التغيرات غير المسبوقة في مجال التكنولوجيا والاقتصاد والطلب العالمي.
فقد كانت تقتصر مهمة هيئات التصنيف على التأكد من سلامة السفن وصلاحيتها للإبحار فقط وإصدار الشهادات اللازمة لها، إلا أن دورها قد تطور اليوم لتصبح هيئات استشارية موثوقة للقطاع البحري. وفي هذا الإطار، قال Richard de Vries، نائب رئيس تطوير الأعمال لهيئة التصنيف الانجليزية Lloyd' s Register في الشرق الأوسط وإفريقيا والهند، إن هذا التحول يعكس اتجاها أوسع نحو الخدمات الاستشارية التي تهدف إلى تعزيز تقنيات النمذجة الاقتصادية (TEM). وتعتبر هذه الخدمات حاسمة في دعم انتقال القطاع نحو حلول الطاقة المستدامة والتحول الرقمي، وبالتالي تعزيز الميزة التنافسية لعملائها.
ديناميكيات ناقلات الغاز الطبيعي المسال وقطاع الأوفشور
بالإضافة إلى ذلك، ساهمت الديناميكيات الإقليمية الجديدة في إعادة تشكيل مشهد التجارة البحرية الذي تجلى بشكل خاص في قطاع ناقلات الغاز الطبيعي المسال (LNG)، إذ تشهد سوق هذا النوع من الناقلات اليوم مشاركة متزايدة من دول الشرق الأوسط الأخرى بعدما كانت تهيمن عليها قطر سابقا. كما ساهمت التحديات التي تواجهها كوريا الجنوبية في محدودية قدرة قطاع بناء السفن على تلبية طلبات البناء إلى التوجه نحو أحواض بناء السفن الصينية من أجل تلبية الطلبات على بناء ناقلات الغاز الطبيعي المسال من الشرق الأوسط، مما يؤكد على التغييرات والتحولات في قدرات بعض الدول على تصنيع وبناء السفن.
علاوة على ذلك، يشهد القطاع البحري انتعاشا في قطاع النفط نتيجة لنمو النشاط العالمي للنفط والغاز، كما يشهد ازدهارا في عمليات الأوفشور متجاوزا التوقعات، ما يزيد الحاجة إلى الخدمات التي تقدمها هيئات التصنيف.
تطوير البنية التحتية ومشاريع توسيع الموانئ
وتماشيا مع الأهداف الوطنية الطموح، يعتقد de Vries أن المملكة العربية السعودية بدأت في تطوير البنية التحتية لموانئها في جازان وجدة والدمام. وتأتي هذه الجهود كجزء من الخطة الاستراتيجية لزيادة القدرة الإنتاجية للموانئ لتصل إلى 40 مليون حاوية نمطية بحلول عام 2030، مما قد يساهم في نمو قطاع اللوجستيات والنقل البحري.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن التغلب على ارتفاع أسعار الشحن البحري وانتظام سلاسل الإمداد؟ |
رسم المسار نحو مستقبل مزدهر
أصبح دور هيئات التصنيف الجديد كمستشارين وممكنين لابتكارات القطاع البحري أكثر أهمية من أي وقت مضى، مع استمرار تكيفها مع هذه الاتجاهات التحويلية الجديدة. ووفقا لـ de Vries لا يقتصر عمل هذه الهيئات على حماية العمليات البحرية فحسب، بل إنها تقوم بتوجيه القطاع نحو النمو المستدام أيضا في عصر تحدده التغييرات والفرص الجديدة، وذلك من خلال خبراتها في الامتثال التنظيمي والتكامل التكنولوجي ومعرفتها للسوق البحري.
وخلاصة القول، إن تطور دور هيئات التصنيف من كونها مجرد هيئات تنظيمية لتصبح جهات استشارية خبيرة في القطاع البحري، يؤكد مساهمتها الجوهرية في تشكيل مستقبل القطاع البحري والأوفشور.
ومع تغير الطلب العالمي وتطور الديناميكيات الإقليمية، تستعد هذه الهيئات للتصدي إلى التحديات الجديدة والاستفادة من الفرص المستجدة، وضمان بناء قطاع بحري مرن ومزدهر في السنوات القادمة.
مجلة ربان السفينة، العدد 92، يوليو/ أغسطس 2024، هيئات التصنيف، ص. 36
اقرأ أيضاً | |
|