تلعب الهيئة العامة للنقل TGA دورا محوريا في تشكيل مسار الصناعة البحرية في المملكة العربية السعودية، ضمن مشهد ديناميكي للتطور والنمو تعيشه المملكة وقطاعها البحري. من خلال مسؤوليتها المتمثلة في الإشراف على تطوير وتنظيم القطاع البحري، ترتكز TGA إلى عوامل كثيرة في رحلتها نحو تطوير القطاع البحري وتعزيز فرص الاستثمار في هذه الصناعة، أهمها تعزيز المساواة بين الجنسين، وتطوير دور البحارة من خلال برامج التدريب.

وبالنظر إلى الإمكانات غير المستغلة للمرأة في المهن البحرية والحاجة الماسة للبحارة المهرة، تمضي TGA في رحلتها لتمكين المرأة ورفع معايير تدريب البحارة في جميع أنحاء المملكة.

لذا لا بد من التأكيد على الدور الريادي الذي تلعبه TGA في دعم النساء في التدريب البحري وتدريب البحارة في المملكة العربية السعودية. ومن خلال مبادراتها، ساهمت TGA في كسر الحواجز بين الجنسين، وتعزيز الشمولية، وتمكين المرأة من متابعة وظائف ناجحة في الصناعة البحرية.

مع استمرار الهيئة في إعطاء الأولوية للمساواة بين الجنسين، فهي تؤكد استعدادها لتشكيل قطاع بحري أكثر عدلا وازدهارا، حيث يتم تقدير المرأة وتمكينها ومنحها فرصا متساوية للتفوق في هذا القطاع.

دعم ثابت

ما يدعم هذه الرؤية المتقدمة هو نهج المملكة الشامل والتزامها بمواصلة تطوير القطاع البحري. يشهد هذا القطاع في المملكة العربية السعودية، ذات الموقع الاستراتيجي الذي يربط بين ثلاث قارات ويتيح إمكانية الوصول إلى المضائق البحرية الحيوية، تحولا سريعا تغذيه أهداف طموح واستراتيجيات حيوية.

ومن خلال التزاماتها تجاه المنظمة البحرية الدولية (IMO) ومساهماتها في الأمن البحري وحماية البيئة وبناء القدرات، تُظهر المملكة العربية السعودية قيادتها والتزامها بالحوكمة البحرية العالمية.

فلا شك أن تمكين العناصر مثل الأسطول التجاري المتنامي والبنية التحتية المتقدمة للموانئ والخدمات الإلكترونية المبسطة، يزيد من تعزيز التقدم البحري للمملكة. تؤكد المبادرات الرامية إلى مستقبل أخضر، والاستثمار في الخدمات البحرية، والجهود المبذولة لتعزيز دور المرأة في المجالات البحرية، على النهج المتعدد الأوجه الذي تتبعه المملكة العربية السعودية في التميز البحري.

علاوة على ذلك، فإن الإنجازات القياسية التي حققتها المملكة، والشهادات ذات المستوى العالمي، والتركيز على الابتكار والتكنولوجيا، تضعها كلاعب رئيسي في تشكيل مستقبل التجارة البحرية العالمية والحوكمة، وهو ما يتضح في سعيها لمواصلة المشاركة والقيادة داخل مجلس المنظمة البحرية الدولية.

دعم المرأة في المجال البحري

 وقد ظهر التزام TGA بالمساواة بين الجنسين في القطاع البحري بشكل بارز من خلال دعمها لورش عمل متنوعة، أهمها ورشة "إدارة الحشف الحيوي" للمرأة العربية العاملة في القطاع البحري التي عقدت في جدة في مايو 2022.

يمثل هذا الحدث الرائد علامة بارزة للاحتفال بمساهمات المرأة في الصناعة البحرية. تناولت ورشة العمل الفجوات والعقبات القائمة بين الجنسين مع عرض للتوصيات بالحلول من خلال مجموعات عمل مثمرة. ومن خلال توفير منصة للمناقشات حول الفرص والتحديات والحلول في إدارة الحشف الحيوي، مكنت ورشة العمل النساء من المشاركة بنشاط في هذا الجانب من العمليات البحرية.

ومن خلال رفع مستوى الوعي حول أهمية إدارة الحشف الحيوي في الحفاظ على النظم البيئية البحرية ومعالجة تغير المناخ، ساهمت TGA في تعزيز القدرات المهنية للنساء في القطاع البحري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

انجازات المرأة في المجال البحري

وقد تجسد دعم TGA الثابت للمساواة بين الجنسين من خلال مشاركتها في الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في القطاع البحري والمؤتمر العالمي للمرأة في الاتحادات البحرية. ويهدف هذا الحدث العالمي إلى تسليط الضوء على إنجازات المرأة في المجال البحري، والدعوة إلى مزيد من المساواة بين الجنسين. وقد شاركت TGA في تعزيز شبكات التعاون والمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في التدريب البحري.

اقرأ أيضاً: هيئة النقل تعتمد عددا من الدورات البحرية التخصصية لمعهد أزدة للتدريب البحري

أول مدربة بحرية

ولا شك أن اعتماد المدربة نجلاء بنت سلمان النعيمي كأول مساعد مدرب بحري على مستوى المملكة لتدريب الكوادر النسائية في قطاع النقل البحري، يفتح فصلا جديدا في القطاع البحري في المملكة العربية السعودية.

يمثل هذا الجهد التعاوني بين الهيئة العامة للنقل وأكاديمية التدريب البحري في شركة أرامكو، خطوة كبيرة نحو المساواة بين الجنسين والتميز المهني.

يشير هذا الإنجاز إلى تقدم محوري في التوافق مع المعايير البحرية العالمية، ويؤكد أيضا تفاني المملكة في تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. ومن خلال رعاية مجموعة متنوعة من المدربين المهرة، بمن في ذلك النساء، تعمل المملكة العربية السعودية على إثراء قوتها العاملة البحرية وتعزيز التزامها بالأهداف المحددة في الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية.

تمكين البحارة السعوديين

بالإضافة إلى دعمها للنساء في المجال البحري، لعبت TGA دورا حاسما في تمكين البحارة السعوديين من خلال برامج التدريب والشهادات الشاملة. وتعكس الزيادة الكبيرة في عدد البحارة السعوديين على متن السفن، نجاح مبادرات TGA في تعزيز المواهب المحلية وتنمية المهارات. وبحسب إحصائية عام 2023 للبحارة السعوديين والأجانب، شهد عدد البحارة السعوديين العاملين على متن السفن بمختلف رتبهم ارتفاعا من 1632 عام 2022 إلى 2100 عام 2023، ليشكل ما نسبته 28% من المعدل العام. في حين ارتفع عدد البحارة الأجانب، الذين بلغ عددهم 4115 عام 2022، إلى 5324 عام 2023، ليشكلوا النسبة المتبقية البالغة 72%.

ومن خلال توفير فرص تدريب عالية الجودة وتسهيل إصدار الشهادات، مكنت TGA البحارة السعوديين من التفوق في مختلف الرتب والمساهمة في نمو الصناعة البحرية وتطويرها. في عام 2023، ارتفعت نسبة إصدار الشهادات مقارنة بالعام السابق بزيادة ملحوظة بلغت 16.04%، مع ارتفاع عدد الشهادات من 374 في عام 2022 إلى 434 في عام 2023. وتتنوع النسبة بين 68% شهادات أهلية (CoC) و32% شهادات كفاءة (CoP).

ومن خلال توقيعها 11 مذكرة تفاهم دولية للاعتراف المتبادل بشهادات البحارة، تؤكد TGA التزامها مجددا بتعزيز القدرة التنافسية العالمية للبحارة السعوديين وتعزيز التميز في الممارسات البحرية. وقد تم توقيع مذكرات التفاهم هذه مع الأردن والإمارات العربية المتحدة والفلبين وإندونيسيا وبنما وبنغلاديش وجورجيا وجنوب أفريقيا وعمان وكوريا الجنوبية ومصر.

وفي هذا الصدد، أعرب وزير النقل والخدمات اللوجستية رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للنقل، صالح بن ناصر الجاسر، عن فخره بمعدل النمو هذا، مشيرا إلى أن عدد البحارة السعوديين قد ارتفع بنسبة 30% خلال عام 2023 أي ما يعادل أكثر من ألفي بحار سعودي.

وقال: "يمثل هذا مسار نمو كبير، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه التصاعدي، مما يؤدي إلى زيادة أعداد البحارة وتعزيز وتطوير المواهب الوطنية."

مجلة ربان السفينة، العدد 91، مايو/ يونيو 2024،النقل البحري، ص. 20

 

اقرأ أيضاً

 العدد 91 من مجلة ربان السفينة

(May/ June 2024)

 

أخبار ذات صلة