تنتشر مسارات جديدة غير مسبوقة للرقمنة عبر العالم بعد الوباء، مما يدفع قطاع النقل البحري إلى الإسراع في تكامل التقنيات التي تسير على خطى التطور. وعلى الرغم من أن المستقبل القريب غير واضح بالنسبة للاندماج الكامل للسفن المستقلة، فإن حقيقة إحداث ثورة في تكنولوجيا عمليات النقل البحري التقليدية والمساعدة في تحسين السلامة البحرية أقرب مما يبدو. فيما يلي أكثر التقنيات الواعدة التي تحول قطاع النقل البحري خلال العقد المقبل.

الواقع المعزز والواقع الافتراضي
تصدرت تقنيات الواقع المعزز AR والواقع الإفتراضي VR وتأثيرهما المحتمل في المستقبل القريب العناوين مؤخرا بعد أن كشف مؤسس Facebook عن رؤيته لـMetaverse، حقبة جديدة للإنترنت حيث ستكون الخطوط الفاصلة بين الحضور الفعلي والافتراضي غير واضحة. يقدم الواقع المعزز المحيط بعناصر رقمية ومشاهد مباشرة، في حين أن الواقع الافتراضي هو تجربة ثلاثية الأبعاد تستبدل بيئة الحياة الواقعية ببيئة تحاكي الواقع.

اقرأ أيضاً: نوادي الحماية والتعويض: كيف تخدم النقل البحري؟

في مجال النقل البحري، يتم استخدام AR من قبل بعض معاهد التدريب البحري لتدريب البحارة. في بناء السفن، يتم استخدام كل من الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في مرحلة مبكرة للمساعدة في تحديد المشكلات المحتملة قبل تنفيذ التصميم. يوفر AR أيضا تطبيقات لمراقبة الجودة، فضلا عن دعم تصور المناطق المخفية. أخيرا، أحدثت تقنية AR ثورة في عمليات الكشف على السفن وصيانتها، مما يلغي الحاجة إلى الحضور على متن السفينة.

الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي
الذكاء الاصطناعي هو أداة بارزة لتحويل العالم كما نعرفه، وهو أكثر التقنيات الواعدة لتحسين سلامة الملاحة. عند ربطه بالتعلم الآلي والخوارزميات، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة وقائية مفيدة تقدم رؤى حول أداء محركات وأنظمة السفن. فضلا عن ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي بالغ الأهمية في تطوير الأتمتة، مما يتيح تجنب التصادم عند سوء الرؤية، وتحسين استهلاك الوقود. كما بات يُنظر إلى استخدام الذكاء الاصطناعي على أنه إمكانية ممتازة لتحسين العمليات البحرية من حيث الجودة والسرعة والتخلص من المهام الروتينية.

لا شك أن أهم مساهمة للذكاء الاصطناعي في النقل البحري هي الصيانة الوقائية، وهو نموذج تنبؤي يعتمد على نهج استباقي يساعد على تخفيف التكاليف المرتفعة المرتبطة بالفشل المفاجئ للمعدات. من المتوقع أن يساعد الاهتمام العام بإمكانيات الذكاء الاصطناعي في حل المشكلات الحالية مثل رداءة جودة البيانات والمخاوف الأمنية والمخاوف من استبدال الوظائف، لتمكين دمج أسرع للذكاء الاصطناعي.

اقرأ أيضاً: النسخة الأولى من حفل جوائز ربان السفينة البحرية تنعقد في بيروت يونيو 2023

أجهزة الإستشعار
أجهزة الإستشعار هي المعدات الموجودة عادة على أي سفينة بضائع، وتوفر جودة عالية من البيانات لمراقبة تشغيل السفينة. ومن خلال تطويرها لتصبح أكثر ذكاء، تستطيع أجهزة الإستشعار معالجة كمية هائلة من المعلومات وتحويلها إلى نسق قابل للقراءة يساعد البشر على تصور سبب تصرف وأداء السفينة بطريقة معينة. يعد هذا الأمر مفيدا بشكل خاص في تعزيز اتخاذ القرارات.

حاليا، تُستخدم أجهزة الاستشعار في الغالب لأداء المراقبة والصيانة الوقائية؛ غير أنه، يمكن أيضا استخدام التكنولوجيا لتحسين إدارة المخاطر. على سبيل المثال، طورت Rolls-Royce نظاما "للوعي الظرفي" يستخدم مستشعرات متعددة مع برامج ذكية تساعد القبطان على الملاحة ليلا أو في الظروف الجوية السيئة أو في الممرات المائية المزدحمة.

أخيرا، يمكن استخدام أجهزة الإستشعار لإدارة سلسلة التوريد وتتبع ورصد البضائع القيّمة أو الحساسة. يمكن دمج هذه التكنولوجيا بسهولة مع التطورات الأخرى، مثل blockchain والعقود الذكية والذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، في حالة تأخر أو تلف شحنة عالية القيمة، يمكن أن تساعد بيانات أجهزة استشعار البضائع الشركات في تجنب الخسائر.

في هذا السياق، يُنظر إلى "الحاويات الذكية" على أنها مستقبل النقل البحري. تكمن الفكرة وراء تجهيز الحاويات بأجهزة استشعار في أنها تستطيع جمع بيانات فعلية حول كل شيء بدءا من درجة الحرارة داخل الحاوية وحتى موقعها الدقيق، وذلك بفضل تتبع النظام العالمي لتحديد الموقع (GPS). من خلال ربط الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بأجهزة الاستشعار، بالإمكان تقديم نظرة أعمق حول كيفية عمل السفينة بكفاءة أكبر.

تكامل واجهات برمجة التطبيقات  API
تشير هذه التقنية إلى الاتصال بين تطبيقين أو أكثر عبر واجهات برمجة التطبيقات التي تسمح للأنظمة بتبادل مصادر البيانات. بعبارات بسيطة، تسمح واجهات برمجة التطبيقات للبرامج بالاتصال ومشاركة البيانات مع البرامج الأخرى. في مجال النقل البحري، يمكن لواجهة برمجة التطبيقات تطوير الاتصالات إلى مستوى جديد، مما يتيح الوصول الفوري إلى البيانات من كل جهاز استشعار ونظام وفرد من أفراد الطاقم في كل مكان في العالم. انطلاقا من هذه النقطة، يبدو أن عدد أدوات البرامج البحرية التي تحتوي على واجهات برمجة التطبيقات المخصصة آخذ في ازدياد، حيث هناك العديد من حالات الاستخدام الممكنة للاستفادة القصوى من واجهات برمجة التطبيقات، مثل تحسين أداء الأسطول والتحليلات التشغيلية ودعم قرارات الصيانة والصيانة الوقائية والإمتثال وأتمتة العمليات.

اقرأ أيضاً: ربان السفينة تكشف عن خطة Heisco التطويرية في مجال بناء السفن في العدد 81.. إليكم تفاصيل المقابلة

إنترنت الأشياء
إنترنت الأشياء (IoT) هي عبارة عن شبكة من الأشياء المادية، "الأشياء" المضمنة بأجهزة استشعار وبرامج وتقنيات أخرى لتوصيل البيانات وتبادلها مع الأجهزة والأنظمة الأخرى عبر الإنترنت. عمليا في الحياة اليومية، تتيح إنترنت الأشياء للمستخدمين "التحكم" في الأشياء من خلال هواتفهم أو بمجرد الضغط على زر في جهاز التحكم عن بُعد.

يعد التحكم عن بعد الذي تم تمكينه بواسطة إنترنت الأشياء أمرا بالغ الأهمية في عنصر السلامة في النقل البحري، مما يسهل مراقبة أي مساحة أو نظام على متن السفينة دون الحاجة إلى التواجد الفعلي. على سبيل المثال، في حالة الطوارئ على سفن الركاب، يمكن للطاقم الوصول إلى الكبائن لمساعدة الركاب. كما يوفر إنترنت الأشياء إمكانيات لا حصر لها لتخفيف تعقيد العمليات المتعلقة بالبضائع، أي التحكم عن بعد في أبواب الفتحات والحواجز التي من شأنها تخفيف بعض الضغط على الطاقم أثناء عمليات الشحن والتفريغ. مع تقدم التكنولوجيا باستمرار، يتعين على الصناعة البحرية التوصل إلى حلول لمعالجة المخاوف الأمنية المحيطة بدمج أكثر منهجية لإنترنت الأشياء.

مجلة ربان السفينة، العدد 81، سبتمبر/ أكتوبر 2022، تكنولوجيا بحرية، ص. 50
 

 

اقرأ أيضاً

 العدد 81 من مجلة ربان السفينة

(Sept./ Oct. 2022)

 

أخبار ذات صلة