وصلت سفينة الحاويات الصينية Istanbul Bridge إلى ميناء Felixstowe، أكبر ميناء في المملكة المتحدة، بعد أن أكملت السفينة التي تنتمي إلى فئة Panamax، رحلتها البالغة 7,500 ميل بحري من الصين عبر الممر البحري القطبي الشمالي خلال 20 يوما فقط. بينما تستغرق رحلة مماثلة عبر قناة السويس نحو 11,000 ميل بحري وتستمر عادة بين 40 و50 يوما.
الممر البحري القطبي
تُعد رحلة Istanbul Bridge أول خدمة خطوط ملاحية منتظمة (liner-type)عبر المنطقة القطبية تربط بين آسيا وأوروبا، وتشمل التوقف في عدد من الموانئ الصينية والأوروبية. كما تمثل أول مرة تسافر فيها سفينة حاويات من الصين إلى المملكة المتحدة عبر القطب الشمالي.
أطلق الخط الملاحي Sealegend، المشغّل لسفينةIstanbul Bridge ، اسم China-Europe Arctic Express على هذه الخدمة الجديدة. وكان الخط الملاحي قد مهد لتدشين هذا الممر عبر شراء سفينة الحاويات Istanbul Bridge العام الماضي، وهي سفينة حاصلة على تصنيف Ice-1 من الفئة الجليدية ((Ice Class، ما يؤهلها للإبحار في الممرات القطبية ذات الظروف المناخية القاسية.
الانعكاسات البيئية
قال مدير العمليات في Sealegend، Li Xiaobin، أنّ الرحلة عبر القطب الشمالي تسهم في تقليل الانبعاثات بفضل قصر المسافة. إلا أن دعاة حماية البيئة يحذرون من الآثار المحلية للانبعاثات، خاصة إذا كانت السفن تستخدم وقودا ثقيلا ينتج عنه انبعاثات الكربون الأسود. ولم يُعرف بعد نوع الوقود الذي استخدمته Istanbul Bridge خلال رحلتها، أو ما إذا كانت متوافقة بالكامل مع مدونة الملاحة في المياه القطبية الصادرة عن المنظمة البحرية الدولية (IMO’s Polar Code).
تهدف الرحلة التي قامت بها Istanbul Bridgeعبر مياه القطب الشمالي إلى الوصول إلى أوروبا قبل موسم الازدحام في الموانئ الأوروبية خلال فصل الخريف، وهي الفترة التي تتوافد فيها سفن الحاويات المحمّلة بالبضائع الآسيوية المخصّصة لموسم الأعياد.
وفي هذا الإطار، قال Li Xiaobin: "يسهم الممر القطبي في تعزيز سرعة سلاسل الإمداد بشكل كبير، مما يقلل من حجم المخزون التجاري المطلوب بنسبة تصل إلى 40%، كما إنه يسهم أيضا في تخفيض التكاليف الرأسمالية للشركات."
الإبحار في المياه القطبية
غادرت سفينة الحاويات Istanbul Bridge، المحمّلة بما يصل إلى 4,843 حاوية نمطية (TEU)، ميناء Ningbo-Zhoushan الصيني في 22 سبتمبر، وقطعت الممر البحري المحاذي لشمال روسيا في 5 أيام فقط بسرعة متوسطة بلغت 17 عقدة. في هذا الوقت المتأخر من
موسم الملاحة الصيفي، تبقى كميات قليلة جدا من الجليد البحري متواجدة على طول الممر الرئيسي للنقل البحري في القطب الشمالي. ورغم ذلك، لم تتلق السفينة أي مرافقة من كاسحات الجليد، بل أبحرت بشكل مستقل طوال الرحلة.
وبعد توقفها في ميناء Felixstowe، واصلت السفينة رحلتها إلى ميناء Rotterdam الهولندي، وHamburg الألماني، وGdansk البولندي. ورغم أن Istanbul Bridge حظيت باهتمام إعلامي واسع، إلا أنها ليست سفينة الحاويات الوحيدة التي تختبر الملاحة في مياه القطب الشمالي. فقد قامت ثلاث سفن حاويات أخرى على الأقل برحلات على نفس الممر وفي الوقت ذاته، ضمن رحلات مباشرة بين موانئ محددة، فيما سجّل الممر البحري الموازي لشمال روسيا رقما قياسيا جديدا في نشاط سفن الحاويات هذا الصيف، حيث تم تسجيل أكثر من 20 عبورا لهذا النوع من السفن .
فرص المشغلين الصينيين
يعود أول عبور كامل لسفينة حاويات عبر هذا الممر إلى أغسطس 2018 عندما أطلق الخط الملاحي الدنماركي Maersk السفينة Venta Maersk من ميناء Vladivostok إلى ميناء St. Petersburg في روسيا، مرورا بميناء Bremerhaven الألماني. ومنذ ذلك الحين، تراجعت الشركات الغربية عن استخدام هذا الممر لأسباب بيئية وسياسية، ما أتاح للمشغّلين الصينيين فرصة التوسع في مياه القطب الشمالي.
ورغم أن الممر القطبي لا يزال محدود الاستخدام، إذ شهد في عام 2024 عبور حوالي 100 سفينة فقط مقارنة بـ13,000 عبور عبر قناة السويس، إلّا أنّ هناك عددا من الشركات التي تواصل توسيع عملياتها في المنطقة القطبية.
من بين هذه الشركات الخط الملاحي الصيني NewNew Shipping، المتخصص في تشغيل سفن الحاويات، والذي يشغّل هذا الصيف خمس سفن في المنطقة القطبية، بهدف تجاوز الرقم القياسي الذي سجله العام الماضي بـ13 رحلة بحرية عبر القطب الشمالي.