في خطوة وُصفت بأنها انتصار حاسم في الحرب ضد القرصنة البحرية، أعلنت عملية “أتالانتا” الأوروبية لمكافحة القرصنة عن سيطرتها على سفينة شراعية إيرانية كانت تُستخدم كسفينة أم في عملية اختطاف ناقلة النفط HELLAS APHRODITE، وذلك في عرض البحر قبالة السواحل الصومالية.
ووفقاً لبيان رسمي صادر عن قيادة العملية، فإن السفينة الإيرانية كانت قد تخلّى عنها القراصنة على الساحل الشمالي الغربي للصومال، قبل أن ترصدها السفينة الإسبانية ESPS VICTORIA وهي السفينة القائدة لأسطول أتالانتا – بتنسيق وثيق مع فرقاطة تابعة للبحرية الهندية.
عملية الرصد والتعقب التي تواصلت لساعات طويلة، انتهت بتأمين ناقلة النفط HELLAS APHRODITE بعدما لاذ القراصنة بالفرار فور اقتراب القوات الأوروبية، تاركين خلفهم أدلة ووثائق مهمة ستدعم التحقيقات المقبلة.
وقالت قيادة أتالانتا في بيانها: “لقد تمّ تفكيك مجموعة القراصنة التي كانت تنشط في المنطقة بالكامل، والتهديد الفوري تمت إزالته بنجاح.”
وعقب السيطرة على السفينة، نفّذت الوحدات الخاصة عملية تفتيش دقيقة، وتأكدت من سلامة طاقمها، حيث خضع الأفراد لفحص طبي شامل أكّد أنهم “بصحة جيدة وآمنون”.
وأضاف البيان أن القوات الأوروبية تمكنت من جمع أدلة استخباراتية وقانونية مهمة من على متن السفينة الإيرانية، ومن الناقلة المختطفة، بهدف إحالة المتورطين إلى العدالة بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية في الصومال وسلطات إقليم بونتلاند.
وشاركت في العملية عدة أطراف دولية، من بينها القوات البحرية الهندية واليابانية، وسلاح الجو السيشيلي، إلى جانب طائرات مراقبة واستطلاع أوروبية، ووحدات من القوات الخاصة، ما يعكس درجة عالية من التنسيق الدولي في مواجهة التهديدات البحرية بالمنطقة.
وجاءت هذه العملية بعد ساعات من تحرير ناقلة النفط المالطية HELLAS APHRODITE، التي كانت قد تعرضت لهجوم عنيف على بُعد نحو 700 ميل بحري من مقديشو، حيث تحصّن طاقمها المكون من 24 فرداً داخل غرفة الأمان “السيتاديل” طوال 30 ساعة من الرعب، بينما كان القراصنة يطلقون النار ويهددون بأسلحة رشاشة وقاذفات صاروخية.
ويُعتقد أن المجموعة التي نفّذت هذا الهجوم هي ذاتها التي حاولت استهداف سفينتين أخريين مطلع نوفمبر، هما Stolt Aphrodite وIntertuna Tres، ما يؤكد اتساع نطاق أنشطة القرصنة خلال الأسابيع الأخيرة.
ووفقاً لتقييمات أتالانتا، فإن السفينة الإيرانية التي تم احتجازها – ويُعتقد أن اسمها ISSAMOHAMADI – كانت بمثابة قاعدة عائمة تُدار منها عمليات الهجوم على السفن التجارية، خصوصاً بعد أن توقفت عن بث إشارات التعريف الآلي (AIS).
ويُعد هذا الحادث حلقة جديدة في عودة ظاهرة القرصنة الصومالية، التي شهدت تصاعداً ملحوظاً منذ أواخر عام 2023، بعد أن ظن المجتمع الدولي أنها انتهت. فقد وثّقت عملية أتالانتا عشرات الهجمات خلال عام 2024، من أبرزها احتجاز السفينة MV Ruen لمدة ثلاثة أشهر قبل أن تتدخل البحرية الهندية لتحريرها، إلى جانب حادثة MV Abdullah التي أُفرج عنها بعد دفع فدية مالية كبيرة.
وفي ضوء هذه التطورات، دعت قيادة أتالانتا جميع السفن التجارية والناقلات العاملة في منطقة المحيط الهندي الغربي إلى التسجيل في نظام المراقبة الطوعية (VRS) التابع لمركز الأمن البحري الإقليمي، لتسهيل عمليات المراقبة والاستجابة السريعة ضد أي تهديدات مستقبلية.
بهذا الإنجاز، تؤكد القوات البحرية الأوروبية أن المعركة ضد القرصنة لم تنتهِ بعد، لكنها تُظهر أن التنسيق الدولي والجاهزية العملياتية لا يزالان قادرين على فرض الأمن في أحد أخطر الممرات البحرية في العالم.






