الإمارات تفوقت على دول عظمى مثل بريطانيا التي جاءت في المرتبة العاشرة بنسبة 2.4% من إجمال القدرة الاستيعابية للشحن العالمي، والولايات المتحدة التي جاءت بالمرتبة الخامسة عشرة بنسبة 1.9% ، وفرنسا التي حققت المركز 21 بنسبة 1% من الطاقة الاستيعابية للشحن عالمياً.
نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز مركزها في قائمة أكبر الأساطيل البحرية العالمية في الأوزان والحمولات عام 2025، وفقاً لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" لعام 2025، والصادر في أيلول (سبتمبر 2025).
وانضمت الإمارات إلى قائمة أكبر 10 أساطيل مسيطرة على حركة الشحن العالمية، إذ سجلت المركز التاسع عالمياً خلال عام 2025 في مقابل المركز 12 عام 2024، فكيف نجحت الإمارات في تحقيق ذلك ، وما هو مستقبل الإمارات في قطاع الشحن البحري، ومن هم أبرز المنافسين العرب لها؟
وتفوقت الإمارات على دول عظمى مثل بريطانيا التي جاءت في المرتبة العاشرة بنسبة 2.4% من إجمال القدرة الاستيعابية للشحن العالمي، والولايات المتحدة التي جاءت في المرتبة الخامسة عشرة بنسبة 1.9% من القدرة الاستيعابية، وفرنسا التي حققت المركز 21 بنسبة 1% من الطاقة الاستيعابية للشحن عالمياً.
وعلى الصعيد العربي، تفوقت الإمارات على دول مثل السعودية التي جاءت في المركز 25 عالمياً بنصيب من الشحن العالمي نسبته 0.8%، كما تفوقت على قطر التي حلت في المركز 33 بنصيب 0.3% من القدرة الاستيعابية، وأيضاً سلطنة عُمان التي جاءت في المركز 34 بنسبة 0.3% من إجمال القدرة الاستيعابية للشحن البحري عالمياً.
كيف تفوقت الإمارات في النقل البحري؟
يقول خبير النقل البحري واللوجستيات الدكتور أحمد سلطان، لـ"النهار" إن ثمة 5 أسباب رئيسية لتفوق الإمارات وترقية مركزها بين أكبر البلدان المسيطرة على حركة الشحن عالمياً"، والسبب الأول هو رؤية القيادة الإماراتية في استشراف المستقبل والتخطيط لتحويل الإمارات إلى مركز لوجستي عالمي، خصوصاً أن أكثر من 80% من حجم التجارة العالمية تُشحن عن طريق البحر.
وأضاف أن الإمارات نجحت في التحول مركزاً لوجستياً عبر تطوير الموانئ والبنية التحتية للنقل البحري والاتصالات، وهو ما دفعها خلال العقد الماضي إلى الاستثمار ببذخ في تطوير الأسطول البحري والموانئ مثل ميناء أبوظبي وموانئ دبي الأشهر عالمياً حالياً.
وبفضل رؤية القيادة الإمارتية أصبحت الدولة تشغل حالياً 106موانئ في 78 دولة، وتتجاوز مناولتها السنوية 21 مليون حاوية، مع إسهام تجاوز 135 مليار درهم (36.7 مليار دولار) في الناتج المحلي، وفقاً لوزارة الطاقة والبنية التحتية.
والسبب الثاني، بحسب سلطان، هو موقع الإمارات الجغرافي الاستراتيجي في قلب طرق التجارة العالمية، إذ تقع عند تقاطُع خطوط الشحن البحري بين الخليج، الهند، آسيا وأوروبا، ما يعطيها ميزة كمركز عبور وتوزيع تجعلها مركزاً لوجستياً محورياً يربط أسواق الشرق بالغرب.
والسبب الثالث اهتمام الإمارات بالمناطق الحرة، وأبرزها ميناء جبل علي الذي أصبح محوراً رئيساً للشحن في المنطقة، بفضل استثماراته المستمرة في تعزيز البنية التحتية وما يقدمه من خدمات نوعية.
وخلال عام 2024 تعامل ميناء جبل علي مع 15.5 مليون حاوية نمطية، وهو أعلى معدل منذ عام 2015، ما يمثل 18% من إجمال حجم المناولة البالغ 88.3 مليون حاوية لدى موانئ دبي العالمية - دي بي ورلد المسؤولة عن تشغيل الميناء.
والسبب الرابع لتفوق الإمارات عالمياً وعربياً في الشحن البحري هو تحسين الإطار التشريعي البيئي والبحري، وتشجيع ملكية السفن والإدارة البحرية عبر شركات وطنية، ما ساعد في زيادة الحمولة المملوكة لديها.
وخامساً تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في قطاع النقل البحري والخدمات المرافقة له، مثل الشراكات مع مشغّلي موانئ دوليين، دخول الاستثمارات الأجنبية، وتوسّع شركات الإمارات البحرية دولياً، ما ساعد على زيادة أسطول السفن المعنِية التي تُعدّ ضمن ملكية/تحكّم الإمارات.
الإمارات إلى أين؟
وقال خبير النقل البحري واللوجستي، إن "الإمارات نجحت في تحقيق الريادة في تشغيل الموانئ عالمياً وتعزيز أسطولها البالغ حالياً 1598 سفينة قادرة على استيعاب حمولة سعة 57.4 مليون طن، وعليه أتوقع أن تواصل الإمارات تقدمها في مجال النقل البحري والموانئ، خصوصاً أن أبوظبي لديها القدرة على ضخ استثمارات بأكثر من 130 مليار درهم (35.4 مليار دولار) في القطاع حتى عام 2030".
وتوقع أن تواصل الإمارات تفوقها العالمي والعربي، خصوصاً أنها لا تستثمر في تعزيز الأسطول البحري وتطوير الموانئ واللوجستيات فحسب، بل تشمل الاستثمارات أيضاً المناطق الحرة البحرية، سلاسل الإمداد، ممرات لوجستية تربط الخليج بالهند وشرق إفريقيا، وحلول الشحن الأخضر والسفن المخفوضة الانبعاثات.
وبسؤاله عن أبرز المنافسين للإمارات، قال مستشار وزير النقل المصري السابق، إن السعودية هي أبرز منافس للإمارات الآن فهي لديها خطة استثمارية بالتعاون بين القطاعين العام والخاص بنحو 64 مليار دولار لتطوير الموانئ والمطارات والبنى التحتية، تليها قطر وسلطنة عُمان، وذلك بسبب حرص دول الخليج على سرعة التحول للاقتصاد غير النفطي وتنويع مصادر الدخل.
أين مصر من المنافسة؟
وبالحديث عن مصر، أكد سلطان أن مصر ليست خارج المنافسة، لكنها تركز على أن تصبح مركزاً لوجستياً عالمياً للنقل والشحن البحري وذلك من خلال تطوير موانئها وعلى رأسها قناة السويس الجديدة، مشيراً إلى امتلاك مصر أسطولاً بحرياً كبيراً، لكن غالبية السفن ترفع أعلام دول أخرى والسبب في ذلك هو البيروقراطية وصعوبة تسجيل السفن وحركة البيع والشراء، داعياً الحكومة المصرية إلى تذليل هذه العقبات حتى تستطيع مصر العودة للمنافسة عربياً وعالمياً.
صناعة النقل البحري عالمياً
وأظهر تقرير "الأونكتاد" أن 10 دول فقط تسيطر على أكثر من ثلثي القدرة الاستيعابية للأسطول العالمي بما يعادل 67.3%، بينها 3 دول هي الصين، اليونان، واليابان تستحوذ على أكثر من 40% من إجمال القدرة الاستيعابية لأسطول الشحن العالمي خلال 2025.
ويُقدَّر حجم سوق النقل البحري للشحن العالمي بنحو 600 مليار دولار عام 2025، وسط توقعات بالنمو إلى نحو 783.94 مليار دولار بحلول 2030، وفق تقرير موردور إنتليجنس (Mordor Intelligence) الهندية لأبحاث السوق.
