شهدت موانئ العالم تراجعا في معدل مناولة الحاويات خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2020 بسبب تفشي فيروس #كورونا، وقد حصل هذا التراجع بالتزامن مع احتفالات رأس السنة الصينية الجديدة، ومعهما تراجع حجم التجارة الدولية عن العام نفسه بنسبة 3.8% مقارنة مع العام 2019. ولكن مع حلول الربع الرابع من العام 2020 بدأ تعافي #الاقتصاد_العالمي من الجائحة والذي استمر للعام التالي، حيث سجل الاقتصاد العالمي نموا سنويا تقديريا عند 6% و3.2% في 2021 و2022 على التوالي، في حين قدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن قيمة التجارة العالمية قد بلغت 28.5 تريليون دولار خلال العام 2021 وحده، وهذا بدوره أدى ويؤدي إلى ازدحام في موانئ الحاويات حول العام، وبالأخص في موانئ آسيا وشمال غرب أوروبا وموانئ الساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية. وفي الإطار ذاته يتوقع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) أن يكون متوسط النمو السنوي للاقتصاد العالمي للسنوات الخمس القادمة عند 2.1%. 

نمو الاقتصاد العالمي
شهد نشاط #النقل_البحري العالمي تقلبات خلال العام 2022 بسبب الإغلاقات الجزئية وبالأخص في الصين وذلك للتقليل من آثار الجائحة، بالتوازي مع تراجع نسب نمو الاقتصاد العالمي مرفقا بتضخم لم يكبح جماحه طوال العام، في حين أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قد سبب ضررا لسلاسل الإمداد العالمية وهي التي تعاني أصلا، ووصلت إلى حد توقف حركة سفن جميع الخطوط المنتظمة تقريبا من وإلى حوض البحر الاسود.

 

اقرأ أيضاً: تحليل الحوادث البحرية ومطالبات التأمين حول العالم خلال العام 2021

 

من جانب آخر، أشارت الإحصائيات الرسمية لأهم موانئ الحاويات للعام 2022 إلى أن الموانئ الصينية مجتمعة قد نمت خلال العام 2022 بنسبة 4.2%، وقد ناولت أكثر من 270.6 مليون حاوية مكافئة TEUs خلال الأحد عشر شهرا الأولى من العام 2022، في حين ناول ميناء شنغهاي الصيني لوحده أكثر من 47.303 مليون حاوية نمطية خلال العام 2022 وهو بالمناسبة رقم جديد وغير مسبوق لهذا الميناء مقارنة مع 47.032 و43.504 و 43.303 و 42.010 مليون حاوية كان قد ناولها خلال الأعوام 2120 و2020 و2019 و 2018 على الترتيب. أما من حيث ترتيب موانئ الحاويات عالميا خلال العام 2022 فلم يحصل أي تغيير، وقد استحوذت قارة آسيا على المراكز التسعة الأولى وجاء ميناء أوروبي في المركز العاشر. وبشيء من التفصيل، فقد استحوذت الصين وحدها على ستة من بين أول عشرة موانئ في العالم، وتصدر ميناء شنغهاي الصيني التصنيف العالمي للعام الرابع عشر على التوالي مدفوعا بنمو بلغ أكثر من 7.2% كان قد حققه خلال العام 2021. كما حقق ميناء شنغهاي أعلى معدل يومي لتداول الحاويات من خلال مناولته لعدد 142,500 حاوية نمطية TEUs وذلك خلال شهر يوليو، كما حقق ميناء شنغهاي أعلى معدل مناولة شهرية وذلك بمناولته لعدد 4.351 مليون حاوية  TEUsخلال شهر يناير من العام الماضي، في حين كسر ميناء سنغافورة حاجز مناولة 37.3 مليون حاوية خلال العام 2022.

سلم الترتيب للموانئ
جاءت الموانئ الصينية في المركز الأول والثالث والرابع والخامس والسادس والثامن، في حين حافظ كل من ميناء سنغافورة وبوسان الكوري وهونغ كونغ وروتردام الهولندي على مراكزهم في العام 2021 وهي الثاني والسابع والتاسع والعاشر عالميا تواليا. أما الموانئ العربية فقد سجلت أغلبيتها نتائج متباينة خلال العام 2022، حيث حافظ ميناء جبل علي مركزه الحادي عشر عالميا، في حين صعد ميناء طنجة المغربي من المركز 25 إلى 24 عالميا وبنسبة نمو سنوية بلغت 24%. وخلال العام 2022 هبط ميناء جدة بالمملكة العربية السعودية من المركز 37 إلى المركز 40 عالميا، وجاء ميناء بورسعيد المصري في المركز 43 عالميا صعودا من المركز 46، في حين هبط ميناء صلالة العماني من المركز 43 الى المركز 45 عالميا وبالمثل هبط ميناء خليفة في إمارة أبوظبي من المركز 56 الى 57 عالميا، وقفز ميناء الملك عبدالله بالمملكة العربية السعودية 10 مراكز على سلم الترتيب مرة واحدة خلال العام 2022 وبنسبة نمو هي الأعلى بين كل موانئ الشرق الاوسط والتي كانت عند 30.6%. وقد حل ميناء الملك عبدالله في المركز 74 عالميا صعودا من المركز 84 الذي احتله في العام 2021، في حين حافظ ميناء الدمام السعودي على مركزه لـ 93 عالميا، وخلال العام 2022 غادر ميناء الاسكندرية المصري قائمة أول 100 ميناء حاويات حول العالم، بعد أن كان في المركز 99 خلال العام 2021.

تجدر الإشارة أيضا إلى أن ميناء Taicang الصيني قد حقق أعلى نسبة نمو بين كل موانئ العالم خلال العام 2022، رغم وقوعه في المركز 25 عالميا عندما حقق نسبة نمو بلغت 35% بالمقارنة مع العام 2021. 

من جانب آخر صدرت النسخة الثالثة من التقرير (المؤشر) العالمي لأداء موانئ الحاويات خلال العام 2022، والذي يتم فيه تجميع البيانات من مصدرين مختلفين هما: بيانات الخطوط الملاحية، وبيانات أجهزة التعريف الذاتي للسفن AIS لعدد 443 ميناء حاويات حول العالم، إلا أن مؤشر العام 2022 لم يتضمن 75 ميناء/محطة حاويات حول العالم لأسباب عديدة منها عدم نشر بيانات بعض الموانئ نذكر منها موانئ قصر أحمد وبنغازي من ليبيا، وميناء عدن اليمني وميناء الملك فهد في ينبع وميناء الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة وميناء رادس في تونس وميناء سكيكدة الجزائري وميناء طرطوس السوري، بالإضافة إلى موانئ عالمية معروفة منها ميناء ليفربول في المملكة المتحدة، وميناء كورك الايرلندي، وميناء برست وبوردو الفرنسيان، وميناء لشبونة البرتغالي.

 

اقرأ أيضاً: مع بداية 2021.. نظرة على عام 2020 البحري: النقل البحري العالمي يسجل تراجعا بنسبة 4%

 

وقد خلص التقرير أو المؤشر إلى أن الموانئ الآسيوية وموانئ حوض البحر المتوسط هي الأفضل في الأداء: حيث تصدره ميناء الملك عبدالله السعودي الذي سجل رقما جديدا في مناولة الحاويات بمناولته 2,038,787 حاوية مقارنة مع 1,780,348 حاوية كان قد ناولها في العام 2021، تلاه ميناء صلالة من سلطنة عمان، علما بأن أغلب الموانئ التي شملها تقرير 2022 قد قفزت عدة مراكز في سلم الترتيب بالمقارنة مع نسخة العام الذي سبقه، فقد قفز ميناء جدة 47 مركزا، وميناء حمد 32 مركزا، وميناء يانقشان 25 مركزا، وميناء طنجة 21 مركزا وبالمثل تماما قفز ميناء خليفة الإماراتي.

ومن الملاحظ أيضا أن ميناء قرطاجنة الكولومبي جاء في المركز 12 عالميا ليتصدر موانئ أمريكا اللاتينية والكاريبي، في حين جاء ميناء ماتادي في المركز 171 عالميا كأفضل ميناء من حيث الأداء في أفريقيا جنوب الصحراء.

أما فيما يخص مؤشر الربط العالمي بين الخطوط الملاحية وموانئ الحاويات LSCI، فقد شهد المؤشر العام تراجعا خلال عامي 2020 و 2021 مقارنة بعام 2019. وفي كل الأحوال ظلت الصين وموانئها الأكثر ترابطا مع الخطوط المنتظمة خلال العام 2022، تلاها مينائي سنغافورة وروتردام. كما أوضح التقرير نفسه أن ميناء جبل علي في دولة الامارات العربية قد حقق صعودا في المؤشر على مدى 17 عاما على التوالي، فيما احتفظت المغرب بموقع الريادة في القارة الافريقية من خلال ميناء طنجة كأكبر الموانئ الافريقية ربطا مع الخطوط الملاحية وللعام الخامس على التوالي، يليها ميناء شرق بورسعيد المصري ثم ميناء دوربان بجنوب أفريقيا. في الأثناء، تشهد موانئ الهند نموا مضطردا منذ مطلع العام 2021.

القدرة الاستيعابية
من جانب آخر، سجلت قناة السويس قفزات إيجابية في أرقامها خلال العام 2022، فقد بلغ عدد السفن التي عبرت قناة السويس خلال العام الماضي 23800 سفينة وبزيادة قدرها 18% عن العام 2021، هذا وعلى الرغم من عدم نشر أي احصائيات رسمية حتى الآن، إلا أن التوقعات تشير إلى مرور ما يقارب من 5500 سفينة حاويات بالمقارنة مع 4710 و 5186 سفينة كانت قد عبرت القناة خلال 2020 و 2021 على التوالي.

وقد حافظت سفن الحاويات على مركزها الثالث في عدد السفن العابرة للقناة، والتي تصدرتها ناقلات النفط تلتها سفن الصب، ومن المتوقع أن تصل إيرادات القناة في العام 2022 الى 8 مليار دولار بالمقارنة مع 5.8 و5.6 و6.3 مليار دولار كانت قد جنتها خلال الأعوام 2019 و2020 و2021 على التوالي، ويعزى هذا الارتفاع لسببين اثنين، الأول هو انتعاش النقل البحري العالمي بدءا من الربع الرابع من العام 2020 مدفوعا بزيادة الطلب على السلع والخدمات بعد تراجع الاقتصاد العالمي بسبب الإغلاقات، أما الثاني فهو بسبب ازدياد أحجام السفن وبالأخص سفن الحاويات، والذي يعني بالضرورة زيادة قيمة الرسوم المدفوعة لعبورها للقناة.

في الإطار نفسه، وبحسب الإحصائيات الرسمية للقناة عن العام 2022، فإن القناة سجلت أرقاما غير مسبوقة خلال شهر إبريل من العام 2022 بمرور 1929 سفينة في كلا الاتجاهين، وبحمولات إجمالية بلغت 114.5 مليون. كما تم في الشهر نفسه تسجيل أعلى إيراد شهري في تاريخ القناة والذي بلغ 629 مليون دولار، وتم تسجيل أكبر حمولة صافية شهرية في تاريخ القناة متجاوزة بذلك كافة الأرقام التي تم تسجيلها من قبل والذي بلغ 114.5 مليون طن. كما شهدت القناة خلال العام 2022 مرور أكبر عدد من السفن في يوم واحد في كلا الاتجاهين وبعدد 96 سفينة وذلك في السابع من نوفمبر.

النولون البحري
ومن جانب آخر، وكما هو معلوم فقد ارتفعت أسعار النولون البحري بأكثر من 20% مع بدء تطبيق تشريع IMO 2020 مطلع العام 2020، ولكن مع انتشار الجائحة تراجعت أسعار النولون قليلا بسبب الإغلاقات بالتزامن مع تراجع الإنتاج العالمي. في المقابل ومع الانتعاش العالمي من الجائحة فقد شهدت أسعار النولون العالمي ارتفاعا غير مسبوق، حيث جنت الخطوط الملاحية الكبرى لنقل الحاويات بحرا خلال النصف الثاني من العام 2021 والثلث الأول من العام 2022 أرباحا قياسية وصلت إلى 4 أضعاف ما كانت عليه قبل الجائحة.

 

اقرأ أيضاً: لوائح إعادة تدوير السفن: أين نقف اليوم وما هي المعايير التي يجب اتباعها؟

 

فعلى سبيل الذكر لا الحصر ارتفع سعر نقل (النولون) الحاوية 40 قدما من ميناء شنغهاي إلى موانئ الساحل الشرقي في الولايات المتحدة من 3000 دولار امريكي وهو سعر النولون خلال ابريل ومايو 2020، إلى 12000 دولار امريكي خلال شهر اكتوبر 2021، ولكن مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بدأت الاسعار في التراجع وهبط سعر نقل الحاوية نفسها بين الموانئ نفسها الى 7000 دولار فقط بحلول شهر اكتوبر 2022، كما أن شحن حاوية 40 قدما من هونغ كونغ إلى موانئ الساحل الغربي للولايات المتحدة انخفض هو الآخر من 8000 دولار وهو أعلى سعر تم تسجيله بعد الجائحة إلى أقل من 2000 دولار بحلول منتصف شهر ديسمبر 2022، ومع ذلك يبقى هذا السعر أزيد من الضعف بالمقارنة مع ما كان عليه قبل الجائحة.

وفق ما ذكر، تبقى العودة إلى أسعار ما قبل الجائحة بعيدة المنال رغم أن التضخم قد أثر سلبا على الطلب العالمي على السلع المشحونة في حاويات، ومن المتوقع أن يستمر تأثير التضخم سلبيا خلال العام 2023 أيضا. ولكن على الأرجح من المتوقع أن أسعار النولون البحري سترتفع قليلا عما كانت عليه في نهاية العام 2022 وذلك بسبب تطبيق معايير بيئية جديدة للوقود البحري مطلع العام 2023 وهي: مؤشر EEXI، ومؤشر كثافة الكربون CII، واللذان سيزيدان بالطبع من أعباء ونفقات النقل البحري.

مجلة ربان السفينة، العدد 83، يناير/ فبراير 2023، دراسات بحرية،بقلم د. عبدالله ونيس الترهوني، إختصاصي إقتصاديات النقل البحري، ص. 62

 

اقرأ أيضاً

 العدد 83 من مجلة ربان السفينة

(Jan./ Feb. 2023)

 

أخبار ذات صلة